حكاه الخطّابيّ (?).
وقوله: (أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ) قال القاضي عياض رحمه الله: ظاهره أنه قال هذا الكلام بعد فراغهما من اللعان، والمراد بيان أنه يلزم الكاذب التوبة، قال: وقال الداوديّ: إنما قاله قبل اللعان؛ تحذيرًا لهما منه، قال: والأول أظهر، وأولى بسياق الكلام، قال: وفيه ردّ على من قال من النحاة: إن لفظة "أَحَدٍ" لا تُستعمل إلا في النفي، وعلى من قال منهم: لا تُستعمل إلا في الوصف، ولا تقع موقع "واحد"، وقد وقعت في هذا الحديث في غير نفي، ولا وصف، ووقعت موقع "واحد"، وقد أجازه المبرد، ويؤيده قوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6]. انتهى (?).
(لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا) أي: لا يبقى بينكما نكاح بعد اللعان، أو المراد أنه لا تَسَلُّط لك عليها، فلا تصدّق أنت في اتهامها من غير بيّنة، ولا تُحدّ هي للزنا بمجرّد قولك، أو المراد.
وقال القرطبيّ رحمه الله: فيه دليل لمالك، ولمن قال بقوله في تأبيد التحريم، فإن ظاهره النفي العامّ، وقد ذكر الدارقطنيّ زيادة في حديث سهل بعد قوله: "ففرّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما"، وقال: "لا يجتمعان أبدًا"، وقال أبو داود عن سهل: مضت سنّة المتلاعنين أن يفرّق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا، قال مالك: وهي السنّة التي لا اختلاف فيها عندنا. انتهى (?).
(قَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَالِي) أي: أطلب مالي الذي أعطيتها صداقًا (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا مَالَ لَكَ) أي: ليس لك أن تستردّ منها مهرها الذي أعطيتها؛ لأنك قد استوفيته بدخولك عليها، وتمكينها لك من نفسها، ثم أوضح - صلى الله عليه وسلم - ذلك بتقسيمِ مستوعِبٍ، فقال: (إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا) أي: فيما ادّعيته عليها من الزنا (فهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا) أي: فقد استوفيت حقّك منها قبل ذلك (وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا") أي: من مطالبتها؛ لئلا تجمع عليها الظلم في عرضها، ومطالبتها بمال قبضته منك قبضًا صحيحًا.