استفهامًا بطريق الاستئذان، وَيحْتَمِل أن يكون حالًا من القول المذكور بعده، وهو ظاهر سياق هذه الرواية، وجزم القرطبيّ بأنه للاستفهام، فيكون أصله بهمزتين، تُسَهّل إحداهما، وقد تُحذف؛ تخفيفًا، ومعناه: أنبسط في الحديث؟ واستأذَنَ في ذلك؛ لقرينة الحال التي كان فيها؛ لعلمه بأن بنته كانت السبب في ذلك، فخَشِي أن يلحقه هو شيء من المعتبة، فبقي كالمنقبض عن الابتداء بالحديث، حتى استأذن فيه. انتهى.
(وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ) فساق الحديث، وكذا في رواية عُقيل، ووقع في رواية معمر أن قوله: "أستأنس" بعد سياق القصة، ولفظه: "فقلت: الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش - فساق القصة - فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: نعم"، وهذا يعيّن الاحتمال الأول، وهو أنه استأذن في الاستئناس، فلما أَذِن له فيه جلس، قاله في "الفتح" (?).
قال الجامع عفا الله عنه: الأولى عندي أن قوله: "أستأنس" جملة حالية من "قُلتُ"، وأما الاستفهام فسيأتي بعده، والله تعالى أعلم.
(فَلَمَّا قَدِمْنَا) بكسر الدال (الْمَدِينَةَ، وَجَدْنَا قَوْمًا) هم الأنصار (تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ) تقدّم أنه بكسر الفاء، وفتحها؛ أي: شرع، وأخذ (نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَتَغَضَّبْتُ عَلَى امْرَأَتِي يَوْمًا، فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْل، فَقُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ؟ ) تقدّم شرح هذا كله (فَتبسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، قَدْ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمُ مِنْك، وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْك، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى) أي: تبسّمة أخرى، وفي رواية عُبيد بن حُنين: "فذكرت له الذي قلت لحفصة، وأم سلمة، فضحك"، وفي رواية سماك: "فلم أزل أحدّثه حتى تَحَسّر الغضب عن وجهه، وحتى كَشَر، فضحك، وكان من أحسن الناس ثَغْرًا"، وقوله: "تحسَّر" بمهملتين؛ أي: تكشَّف وزنًا