وقوله: (جُلُوسٌ) جمع: جالس، وهو صفة لـ"رهط"، وقوله: (يَبْكِي بَعْضُهُمْ) جملة حاليّة، قال الحافظ: "لم أقف على تسميتهم"، وفي رواية سماك بن الوليد الماضية: "دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى"؛ أي: يضربون الأرض، كفعل المهموم المفكّر (فَجَلَسْتُ قَلِيلًا) وفي رواية البخاريّ: "فجلست مع الرهط الذين عند المنبر" (ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ) أي: مِن شُغْل قلبه بما بلغه، من اعتزال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وأن ذلك لا يكون إلا عن غضب منه، ولاحتمال صحة ما أُشيع من تطليق نسائه، ومن جملتهنّ حفصة بنت عمر - رضي الله عنهما -، فتنقطع الوصلة بينهما، وفي ذلك من المشقّة عليه ما لا يخفى (ثُمَّ أَتَيْتُ الْغُلَامَ، فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ، فَصَمَتَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي) وفي رواية سماك: "ثم رفعت صوتي، فقلت: يا رَباح استأذن لي، فإني أظنّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن إني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني بضرب عنقها لأضربن عنقها". قال الحافظ: وهذا يقوي الاحتمال الثاني (?)؛ لأنه لمّا صرح في حقّ ابنته بما قال، كان أبعد أن يستعطفه لضرائرها. انتهى.
(فَقَالَ: ادْخُلْ، فَقَدْ أَذِنَ لَكَ) بالبناء للفاعل، وهو ضمير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَيحْتَمِل أن يكون بالبناء للمفعول (فَدَخَلْتُ، فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا هُوَ مُتَّكِيءٌ) قال القاضي عياض رحمه الله: متّكئ هنا: بمعنى مضطجع. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله، الاتّكاء هنا هو التمكّن، والتثبّت، فيكون ميلًا على جنب، ويكون تربّعًا؛ إذ كلّ واحد منهما متمكن، ومتثبّتٌ، ويعني به ها هنا: التمكّن على أحد جنبيه. انتهى (?).
(عَلَى رَمْلِ حَصِيرٍ) أي: نسجه، وفي رواية البخاريّ: "فإذا هو مضطجع على رِمَال" بكسر الراء، وقد تُضَمّ، وفي رواية معمر: "على رَمْل" بسكون الميم، والمراد به النسج، تقول: رَمَلتُ الحصيرَ، وأرملته: إذا نسجته، وحَصِير مرمولٌ؛ أي: منسوج، والمراد هنا أن سريره كان مرمولًا بما يُرْمَل به الحصير،