يتكلّمون على الجزء الثاني فقط، فيقولون في "كتاب الطهارة" مثلًا: الطهارة لغةً كذا، واشتقاقها من كذا، وهي في العرف كذا، وقد رأيت أن أتكلّم على كلّها تكميلًا للفائدة، فتكلّم بما سيأتي قريبًا (?).
قال الجامع: قوله: "ثم لتعرف أن الأولى بالقارئ أن يصرّح بقراءة الترجمة .. " إلخ، ثم علّله بقوله: "فلأنها جزء من التصنيف .. " إلخ، فيه أن هذا إنما يتأتّى في مثل "صحيح البخاريّ"، وليس في "صحيح مسلم" إلا في أسماء الكتب، كـ"كتاب الإيمان"، و"كتاب الصلاة"، و"كتاب الزكاة"، ونحو ذلك؛ لأنها التي من وضع المصنّف رحمه الله، وأما بقيّة الأبواب فإنها من وضع من بعده من الشرّاح وغيرهم، كما سبق بيان ذلك وتحقيقه في شرح المقدّمة، فليست تلك الأبواب جزءًا من تصنيف مسلم رحمه الله، فليُتنبه لذلك، والله تعالى أعلم.
ثم الكلام على هذه الترجمة يأتي في مسائل:
(المسألة الأولى): في قوله: "كتابُ"
وفيه بحثان:
(البحث الأول): في تصريفه، ومعناه لغةً واصطلاحًا.
فأما لغة: فهو مصدرٌ، قال الفيّوميّ رحمه الله: كَتَبَ كَتْبًا من باب قتل، وكِتْبَةً بالكسر، وكِتَابًا والاسم الكِتَابَةُ؛ لأنها صِنَاعةٌ كالنِّجارة، والْعِطَارَة، وكَتَبْتُ السِّقَاءَ كَتْبًا: خَرَزتُهُ، وكَتَبْتُ البغلةَ كَتْبًا: خَرَزتُ حَيَاهَا بِحَلْقَةِ حديد، أو صفر؛ ليمتنع الوُثُوبُ عليها، وتُطْلَقُ الْكِتْبَةُ، والكِتَابُ على المكتوب، ويُطلق الكتاب على الْمُنَزَّل، وعلى ما يكتبه الشخص ويُرسله، قال أبو عَمْرو: سمعتُ أعرابيًّا يمانيًّا يقول فلان لَغُوبٌ جاءته كتابي فاحتقرها، فقلت: أتقول: جاءته كتابي، فقال: أليس بصحيفة، قلتُ: ما اللَّغُوبُ؟ قال الأحمق، وكَتَبَ: حَكَمَ، وقَضَى، وأوجب، ومنه كتب الله الصيامَ: أي أوجبه، وكتب القاضي بالنفقةِ: قَضى انتهى (?).
وقال بعضهم: واعلم أن الكتاب لغةً معناه الضمّ والجمع، يقال: كتبتُ