"قال: طلّقت امرأتي، وهي حائض، فذَكَرَ ذلك عمر للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتغيّظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك"، وفي رواية يونس بن جبير: "طلّقت امرأتي، فأتى عمر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر له ذلك".
قال في "الفتح" بعد ذكر رواية سالم، ما نصّه: ولم أر هذه الزيادة في رواية غير سالم، وهو أجلّ مَن روى الحديث عن ابن عمر، وفيه إشعارٌ بأن الطلاق في الحيض كان تقدّم النهي عنه، وإلا لم يقع التغيّظ على أمر لم يسبق النهي عنه.
ولا يعكُرُ على ذلك مبادرة عمر بالسؤال عن ذلك؛ لاحتمال أن يكون عرَفَ حكم الطلاق في الحيض، وأنه منهيّ عنه، ولم يَعرِف ماذا يَصنَع من وقع له ذلك؟
قال ابن العربيّ: سؤال عمر - رضي الله عنه - مُحْتَمِلٌ لأن يكون أنهم لم يروا قبلها مثلها، فسأل لِيَعْلَم. ويَحْتَمِل أن يكون لَمّا رأى في القرآن قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، وقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] أراد أن يعلم أن هذا قرء، أم لا؟
ويَحْتَمِل أن يكون سمع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - النهي، فجاء ليسأل عن الحكم بعد ذلك.
وقال ابن دقيق العيد: وتغيُّظُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِمّا لأن المعنى الذي يقتضي المنع كان ظاهرًا، فكان مقتضى الحال التثبّتَ في ذلك، أو لأنه كان مقتضى الحال مشاورة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك إذا عزم عليه. انتهى (?).
(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مُرْهُ) - بضمّ الميم، وسكون الراء -: فعل أمر من أَمَر يأمُرُ، من باب نصر ينصُرُ، وأصله اؤمر، فحذفت فاء الكلمة شذوذًا؛ لكثرة الاستعمال، وهمزة الوصل؛ استغناء عنها، فصار "مُر"، بضمّ، فسكون، وإليه أشار ابن مالك في "لاميّته" حيث قال:
وَشَذَّ بِالْحَذْفِ "مُرْ" و"خُذْ" و"كُلْ "وَفَشَا ... و"امُرْ" وَمُسْتَنْدَرٌ تَتْمِيمُ "خُذْ" و"كُلَا"
(فَلْيُرَاجِعْهَا) فيه أن المراجعة واجبة؛ لأَمْره - صلى الله عليه وسلم - المراجعة، وهو القول