خُلِق من شيء مُعْوَجٍّ، وهذا لا يخالف الحديث الماضي من تشبيه المرأة بالضلع، بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه، وإنها عوجاء مثله؛ لكون أصلها منه. انتهى (?).
وقوله: (وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ) ذكره تأكيدًا لمعنى الكسر؛ لأن الإقامة أمرها أظهر في الجهة العليا، أو إشارةٌ إلى أنها خُلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغةً في إثبات هذه الصفة لهنّ.
ويَحْتَمِل أن يكون ضرب ذلك مثلًا لأعلى المرأة؛ لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانها، وهو الذي يحصل منه الأذى، وفي استعمال "أَعْوَجَ" استعمال لـ "أفعل" في العيوب، وهو شاذٌّ، قاله في "الفتح".
وقال في موضع آخر: قيل: فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها، قال: وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، فلا ينكر اعوجاجها، أو الإشارةُ إلى أنها لا تقبل التقويم، كما أن الضلع لا يقبله. انتهى (?).
(إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ) ذكّر الضمير العائد إلى الضلع؛ لأنه يجوز تذكيره، وتأنيثه، كما سبق تحقيقه.
والمعنى: إن أردت منها أن تترك اعوجاجها، أفضى الأمر إلى فراقها بالطلاق، كما بيّنه في الرواية الماضية بقوله: "وكسرها طلاقها".
(وَإِنْ تَرَكْتَهُ) أي إن لم تقمه (لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ) وقوله: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا") أي أوصيكم بهنّ خيرًا، فاقبلوا وصيتي فيهنّ، واعملوا بها، قاله البيضاويّ، والحامل على هذا التقدير أن الاستيصاء استفعال، وظاهره طلب الوصيّة، وليس هو المراد.
وقوله: (بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) كأنّ فيه رمزًا إلى التقويم برفق، بحيث لا يبالغ فيه، فَيُكْسَر، ولا يتركه فيستمرّ على عَوَجه.
والحاصل أنه لا يتركها على الاعوجاج، إذا تعدّت ما طُبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها، أو ترك الواجب، وإنما المراد أن يتركها