و"أبو هريرة" - رضي الله عنه - ذُكر قبله.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "مَنْ) شرطيّة (كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ) بكسر الهاء، أي حضر (أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ، أَوْ لِيَسْكُتْ) المعنى أنه إذا شهد أمرًا ما، واقتضى الحال أن يتكلّم في ذلك الأمر، فلينظر، فإن كان في كلامه خيرٌ، فليتكلّم، وإلا فليسكت (وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) قيل: معناه: تواصوا بهنّ، والباء للتعدية، والاستفعال بمعنى الإفعال، كالاستجابة بمعنى الإجابة.
وقال الطيبيّ - رحمه الله -: السين للطلب، وهو للمبالغة: أي اطلبوا الوصية من أنفسكم في حقهنّ، أو اطلبوا الوصية من غيركم بهنّ، كمن يعود مريضًا، فيستحبّ له أن يحثّه على الوصية، والوصية بالنساء آكد؛ لضعفهنّ، واحتياجهنّ إلى من يقوم بأمرهنّ.
وقيل: معناه: اقْبَلُوا وصيتي فيهنّ، واعملوا بها، وارْفُقُوا بهنّ، وأحسنوا عِشْرتهنّ.
قال الحافظ: وهذا أوجه الأوجه في نظري، وليس مخالفًا لما قال الطيبيّ. انتهى (?).
(فَإِنَّ الْمَرْأَةَ) الفاء للتعليل، أي وإنما أمرتكم بالاستيصاء في النساء؛ لكونها (خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ) بكسر الضاد، وفتح اللام، وتُسكّن، كما مرّ تحقيقه قريبًا.
قال في "الفتح": وكأنّ فيه إشارةً إلى ما أخرجه ابن إسحاق في "المبتدإ" عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن حواء خُلقت من ضِلَع آدم الأقصر الأيسر، وهو نائم"، وكذا أخرجه ابن أبي حازم (?) وغيره، من حديث مجاهد، وأغرب النوويّ، فعزاه للفقهاء، أو بعضهم، فكأن المعنى أن النساء خُلِقن من أصلٍ