أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء"، قال مالك، والشافعيّ: لا يجوز العزل عن الحرة إلا بإذنها، وكأنهم رأوا الإنزال من تمام لذاتها، ومن حقّها في الولد، ولم يروا ذلك في الموطوءة بملك اليمين؛ إذ له أن يعزل عنها بغير إذنها؛ إذ لا حقّ لها في شيء مما ذُكِرَ. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدَّم الأرجح جواز العزل مع الكراهة.
والحاصل أن الأحاديث التي ظاهرها التعارض في هذا الباب يُجمَع بينها بأن ما ورد منها في النهي محمول على كراهة التنزيه، وما ورد في الإذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام، وليس معناه نفي الكراهة، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): قال الحافظ أبو عمر: قال ابن القاسم، وابن الماجشون، وحكاه ابن القاسم، عن مالك، ولم يسمعه منه: في الرجل يتزوّج المرأة، وهي تُرضع، فيُصيبها، وهي تُرضع: إن ذلك اللبن له، وللزوج قبله؛ لأن الماء يُغيّر اللبن، ويكون منه الغذاء، واحتجّ بهذا الحديث: "لقد هممتُ أن أنهى عن الغيلة. . ." الحديث، قال ابن القاسم: وبلغني عن مالك: إذا ولدت المرأة من الرجل، فاللبن منه بعد انفصاله وقبله، ولو طلّقها، فتزوّجت، وحملت من الثاني، فاللبن منهما جميعًا أبدًا حتى يتبيّن انقطاعه من الأول.
ومن الحجة لمالك أيضًا أن اللبن يغيّره وطء الزوج الثاني، ولوطئه فيه تأثير قوله - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر إلى المرأة الحامل من السبي، فسأل: "هل يطأ هذه صاحبها؟ " قيل له: نعم، فقال: "لقد هممتُ أن ألعنه لعنةً تدخل معه في قبره، أيورّثه، وليس منه؟ أوَ يستعبده، وهو قد غذاه في سمعه وبصره؟ "، قال: وهو حديثٌ في إسناده لين (?).
وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والشافعيّ: اللبن من الأول في هذه المسألة حتى تضع، فيكون من الآخر، وهو قول ابن شهاب، وقد رُوي عن الشافعيّ