قال: وقد ارتضى بعض مشايخنا ما ذكره المهلَّب من الاستدلال بهذا الحديث على جواز لعن العاصي المعيَّن، وفيه نظرٌ، والحقّ أن من منع اللعن أراد به معناه اللغويّ، وهو الإبعاد من الرحمة، وهذا لا يليق أن يُدْعَى به على المسلم، بل يطلب له الهداية والتوبة والرجوع عن المعصية، والذي أجازه أراد به معناه العرفيّ، وهو مطلق السبّ، ولا يخفى أن محله إذا كان بحيث يرتدع العاصي به، وينزجر، وأما حديث الباب فليس فيه إلا أن الملائكة تفعل ذلك، ولا يلزم منه جوازه على الإطلاق. انتهى.

4 - (ومنها): بيان أن الملائكة تدعو على أهل المعصية، ما داموا فيها، وذلك يدلّ على أنهم يدعون لأهل الطاعة ما داموا فيها، قال الحافظ: كذا قال المهلَّب، وفيه نظر أيضًا.

5 - (ومنها): أن فيه دليلًا على قبول دعاء الملائكة من خير أو شرّ؛ لكونه - صلى الله عليه وسلم - خَوَّف بذلك.

6 - (ومنها): أن فيه الإرشادَ إلى مساعدة الزوج، وطلب مرضاته.

7 - (ومنها): بيان أن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، وفيه أن أقوى التشويشات على الرجل داعية النكاح، ولذلك حَضّ الشارعُ النساءَ على مساعدة الرجال في ذلك، قاله ابن أبي جمرة - رحمه الله - (?).

قال الحافظ: أو السبب فيه الحضّ على التناسل، ويرشد إليه الأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك، كما تقدم في أوائل "النكاح".

8 - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى ملازمة طاعة الله، والصبر على عبادته؛ جزاءً على مراعاته لعبده، حيث لم يترك شيئًا من حقوقه إلا جعل له من يقوم به، حتى جعل ملائكته تلعن من أَغضَبَ عبده بمنع شهوة من شهواته، فعلى العبد أن يوفي حقوق ربه التي طلبها منه، وإلا فما أقبح الجفاء من الفقير المحتاج إلى الغني الكثير الإحسان، قاله ابن أبي جمرة - رحمه الله - أيضًا (?).

9 - (ومنها): أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطًا عليها من الكبائر، وهذا إذا غضب بحقّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015