ولذلك قال أبو سليمان الدارانيّ - رحمه الله -: الزوجة الصالحة ليست من الدنيا، فإنها تفرغك للآخرة، وإنما تفريغها بتدبير المنزل، وبقضاء الشهوة جميعًا.
(الفائدة الخامسة): مجاهدة النفس، ورياضتها بالرعاية، والولاية، والقيام بحقوق الأهل، والصبر على أخلاقهن، واحتمال الأذى منهنّ، والسعي في إصلاحهن، وإرشادهنّ إلى طريق الدين، والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهنّ، والقيام بتربيته لأولاده، فكل هذه أعمال عظيمة الفضل، فإنها رعاية، وولاية، والأهل والولد رعية، وفضل الرعاية عظيم إنما يحترز منها من يحترز خِيفة من القصور عن القيام بحقها. ذكر هذه الفوائد الغزاليّ - رحمه الله - في "إحيائه" (?)، وهي فوائد مهمّة، وعوائد جسيمة.
وقال الشيخ وليّ الله الدهلويّ - رحمه الله - في كتابه "حجة الله البالغة": الأصل في ذلك أن حاجة الجماع أوجبت ارتباطًا، واصطحابًا بين الرجل والمرأة، ثم الشفقة على المولود، أوجبت تعاونًا منهما في حضانته، وكانت المرأة أهدأهما للحضانة بالطبع، وأخفهما عقلًا، وأكثرهما انحجامًا من المشاقّ، وأتمهما حياءً، ولزومًا للبيت، وأحذقهما سعيًا في محقرات الأمور، وأوفرهما انقيادًا، وكان الرجل أسدّهما عقلًا، وأشدهما ذبًّا عن الذِّمَارِ، وأجرأهما على الاقتحام في المشاقّ، وأتمهما تِيهًا، وتسلطًا، ومناقشةً، وغَيْرَةً، فكان معاش هذه لا تتم إلا بذاك، وذاك يحتاج إلى هذه، وأوجبت مزاحمات الرجال على النساء، وغيرتهم عليهنّ ألا يصلح أمرهم إلا بتصحيح اختصاص الرجل بزوجته على رؤوس الأشهاد، وأوجبت رغبة الرجل في المرأة، وكرامتها على وليها، وذبّه عنها أن يكون مهرٌ، وخِطْبةٌ، وتَصَدٍّ من الوليّ، وكان لو فُتح رغبة الأولياء في المحارم أفضى ذلك إلى ضرر عظيم عليها، من عَضْلها عمن ترغب فيه، وألا يكون لها من يطالب عنها بحقوق الزوجية، مع شدّة احتياجها إلى ذلك، وتكدير الرحم بمنازعات الضَّرّات، ونحوها، مع ما تقتضيه سلامة المزاج من قلة الرغبة في التي نشأ منها، أو نشأت منه، أو كان كعصى دوحة، وأوجب الحياء عن ذكر الحاجة إلى الجماع، أن تجعل مدسوسة في ضمن عروج يتوقع