رواية الأقران، فأبو سلمة والأغر وابن قارظ أقران، وأن صحابيه أكثر الصحابة
رواية للحديث، روى (5374) حديثاً، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف الزهريّ (وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الْأَغَرِّ
مَوْلَى الْجُهَنِيِّينَ) -بضم الجيم، وفتح الهاء- نسبة إلى جُهينة قبيلة من قضاعة،
قاله في "لبّ اللباب" (وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ) هكذا رواية المصنّف رحمه اللهُ
بلفظ: "وكان" بإفراد الضمير، وهو يعود إلى أبي عبد الله الأغَرّ، ووقع في
رواية النسائيّ بلفظ: "وكانا" بضمير المثنّى، وعليه يعود الضمير إلى أبي سلمة،
وأبي عبد الله الأغرّ، ولعله في رواية المصنّف إنما أفرده؛ لشهرة أبي سلمة
بصحبة أبي هريرة - رضي الله عنه -، فلا يحتاج إلى التنصيص عليه، فتأمل، والله تعالى
أعلم.
(أنهُمَا سَمِعَا أبا هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: صَلَاة في مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
أفضَلُ) أي: ثوابًا (مِنْ ألفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)
أي: فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: التقدير: إلا
المسجد الحرام، فإنه يفضله بدون الألف، والأول هو الراجح، وتقدم تحقيقه
في شرح الحديث الماضي، فتنبّه.
ثم علل هذا التفضيل بقوله: (فَإِن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - آخِرُ الْأنبِيَاءِ) قال الله
تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] وأخرج الشيخان وغيرهما عن جابر بن
عبد الله - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثلي ومثل الأنبياء، كمثل رجل بني
دارًا فأكملها، وأحسنها، إلا موضع لَبِنَةٍ، فكان من دخلها، فنظر إليها، قال:
ما أحسنها إلا موضع هذه اللبنة، فأنا موضع اللبنة، خُتِمَ بي الأنبياء -عليهم
الصلاة والسلام -".
(وَإِنَّ مَسْجِدَهُ آخِرُ الْمَسَاجِدِ) قال الحافظ أبو حاتم بن حبان رحمه الله في
"صحيحه" (4/ 502): يريد به آخر المساجد للأنبياء، لا أن مسجد المدينة آخر
مسجد بني في هذه الدنيا. انتهى.
وقال السنديّ رحمه الله: أي: آخر المساجد الثلاثة المشهود لها بالفضل، أو