قال ولي الدين رحمه اللهُ: وهذا بخلاف المسجد الحرام، فإنه لا يختص

التضعيف بالمسجد الذي كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، بل يشمل جميع ما زيد فيه؛ لأن

اسم المسجد الحرام يعم الكل، بل المشهور عند الشافعية أن التضعيف يعمّ

مكة، بل صحح النووي أنه يعمّ الحرم الذي يحرم صيده. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي فيما قاله النوويّ رحمه الله في المسجد النبوي

نظر؛ إذ الظاهر أن قوله: "مسجدي هذا" إنما هو للاحتراز من غيره من مساجد

المدينة" فلا يمنع دخول الزيادة بعده - صلى الله عليه وسلم -، ويدل على ذلك أثر عمر - رضي الله عنه -،

قال: "لو مدّ مسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى ذي الحليفة لكان منه"، وفي لفظ: "لو زدنا

فيه حتى بلغ الجبّانة كان مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجاءه الله بعامر"، رواه عمر بن

شبة من طريقين مرسلين عنه موقوفًا، ورفعه ضعيفٌ جدًّا كما بيّنه الشيخ

الألبانيّ رحمه الله (?)، والله تعالى أعلم.

قلت: وقد حقق الموضوع شيخ الإِسلام ابن تيمية: رحمه الله تحقيقًا حسنًا

حيث قال: وقد جاءت الآثار بأن حكم الزيادة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - حكم المزيد،

تضعف فيه الصلاة بألف صلاة، كما أن المسجد الحرام حكم الزيادة فيه حكم

المزيد، فيجوز الطواف فيه، والطواف لا يكون إلا في المسجد، لا خارجًا

ولهذا اتفق الصحابة على أنهم يصلّون في الصف الأول من الزيادة التي

زادها عمر، ثم عثمان، وعلى ذلك عمل المسلمون كلهم، فلولا أن حكمه

حكم مسجده، لكانت تلك الصلاة في مسجد غيره، ويأمرون بذلك.

ثم قال: وهذا هو الذي يدل عليه كلام الأئمة المتقدمين، وعملهم،

فإنهم قالوا: إن صلاة الفرض خلف الإِمام أفضل، وهذا الذي قالوه هو الذي

جاءت به السنة، وكذلك كان الأمر على عهد عمر، وعثمان - رضي الله عنهما -، فإن كلّا

منهما زاد من قبلي المسجد، فكان مقامه في الصلوات الخمس في الزيادة،

وكذلك مقام الصف الأول الذي هو أفضل ما يقام فيه بالسنة والإجماع، وإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015