ثم بيّن ابن عمر - رضي الله عنهما - سبب نهيها بقوله: (فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

يَقُولُ: "لَا يَصْبِرُ) بكسر الباء، من باب ضرب (عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ) قال

ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على لأوائها، وشدّتها" يعني المدينة، والشدّة:

الجوع، واللأواء تعذُّر المكسب، وسوء الحال. انتهى (?).

وقال المازريّ -رَحِمَهُ اللهُ-: اللأواء: الجوع، وشدّة المكسب، وضمير "شدّتها"

يَحْتَمِل أن يعود على اللأواء، ويَحْتَمِل أن يعود على المدينة، قال الأبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-:

الحديث خرج مخرج الحثّ على سكناها، فمن لزم سكناها داخل في ذلك،

ولو لم تلحقه لأواء؛ لأن التعليل بالغالب والمظنة لا يضرّ فيه التخلف في

بعض الصور؛ كتعليل القصر بمشقة السفر، فإن الملك يقصر، وإن لم تلحقه

مشقة؛ لوجود السفر. انتهى (?).

(إِلا كُنْتُ لَهُ شَهِيداً، أَوْ شَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ") قد تقدّم عن القاضي

عياض -رَحِمَهُ اللهُ- أن الأظهر في "أو" هذه أنها ليست للشكّ، وإنما هي للتقسيم،

فيكون شهيداً لبعض أهل المدينة، وشفيعاً لباقيهم، إما شفيعاً للعاصين، وشهيداً

للمطيعين، وإما شهيداً من مات في حياته، وشفيعاً من مات بعده، أو غير

ذلك، وهذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين، أو للعاصين في القيامة،

وعلى شهادته على جميع الأمة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في شهداء أُحُد: "أنا شهيد على

هؤلاء"، فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزية، وزيادة منزلة وحَظْوَةٍ، قال: وقد

تكون "أو" بمعنى الواو، فيكون لأهل المدينة شفيعاً وشهيداً. انتهى، وقد سبق

تمام البحث فيه في "شرح حديث سعد بن أبي وقّاص" الماضي في الباب

الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان،

وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015