والباقون ذُكروا في الباب.
لطائف هذا الإسناد:
1 - (منها): أنه من خُماسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
2 - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة.
3 - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالمدنيين، وشيخه دخلها.
4 - (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ)؛ أي: الصحابة - رضي الله عنهم - (إِذَا
رَأَوْا أوَّلَ الثَّمَرِ) بفتحتين، وأول الثمر يُسَمَّى الباكورة، فالمعنى أنهم إذا رأوا
باكورة الثمر، وهي أول ما يُدْرَك من الفاكهة (جَاءُوا بِهِ إِلَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أي:
هدية له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما يدلّ عليه إعطاؤه للوليد، قال العلماء: كانوا يفعلون ذلك
رغبة في دعائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الثمر، وللمدينة، والصاع، والمدّ، وإعلامًا له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بابتداء صلاحها لِما يتعلق بها من الزكاة وغيرها، وتوجيه الخارصين، قاله
النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال الأبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقيل: إنما كانوا يؤثرونه به على أنفسهم حبًّا له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
ويرونه أولى الناس بما يسبق إليهم من خير من ربهم.
وقال الزرقانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إما هديةً وجلالةً ومحبةً وتعظيمًا له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإما تبركًا
بدعائه لهم بالبركة، وهو الذي يغلب على ظني، وسياق الحديث يدلُّ عليه،
والمعنيان محتملان، قاله ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - وكذا ذكر هذين الاحتمالين
التوربشتيّ.
وقال الباجيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يريد بالثمر ثمر النخل؛ لأنه هو المقصود ثمارها،
وأَتَوْا به؛ تبركأ بدعائه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإعلامًا له ببدوّ الصلاح، إما لِما كان يتعلق به من
إرسال الْخُرّاص؛ ليستحلوا أكلها، والتصرف فيها، وإما لِيُعلموه جواز بيع
ثمارهم لنهيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيعها قبل بُدُوّها. انتهى (?).