إلى ركوبها (حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا") قال ابن الأثير: الظهر: الإبل التي يُحمل عليها،
وتركب، يقال: عند فلان ظهر: أي إبلٌ، وتُجمع على ظُهران بالضمّ. انتهى،
وفي "اللسان": الظهر: الرِّكاب التي تَحْمِل الأثقال في السفر؛ لحملها إياها
على ظُهُورها. انتهى.
والمعنى: اركب البدنة إلى أن تجد راحلة ليست هديًا، فتركبَها بدلًا عن
ركوب هديك، قال القرطبيّ رَحمه اللهُ: هذا يدلّ على صحة ما قاله الشافعيّ، وأبو
حنيفة، وما حكاه إسماعيل عن مذهب مالك، وقد روي في غير كتاب مسلم:
أن النبىّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنةً، وقد جَهَدَه المشى، فقال: "اركبها" ...
الحديث (?). انتهى.
قال السنديّ: وهل بعد أن ركب اضطرارًا له المداومة على الركوب، أو
لا بدّ من النزول إذا رأى قوّة على المشي؟ قولان، وقد يؤخذ من قوله: "حتى
تجد ظهرًا" ترجيح القول الأول، وقد يُمنَعُ ذلك بأنها ليست غاية لمداومة
الركوب عليها، بل هي غاية لجواز الركوب كلما أُلجئ إليه، أي له أن يركب
كلما أُلجئ إلى أن يجد ظهرًا، فليتأمّل. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب،
وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا من أفراد
المصنّف: رحمه اللهُ.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [63/ 3215 و 3216] (1324)، و (أبو داود) في
"المناسك" (1761)، و (النسائيّ) في "مناسك الحجّ" (5/ 177)، و (الكبرى"
(2/ 365)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 317 و 324 و 325 و 348)، و (ابن
خزيمة) في "صحيحه" (2663 و 2664)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (4/ 144)،
و(ابن الجارود) في "المنتقى" (1/ 113)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (5/ 263)