والرِّفادة، ودار الندوة، ثم تصالح بنوه على أن لعبد مناف السقاية، والرفادة،
والبقية للأخوين، ثم ذكر نحو ما تقدم، وزاد: ثم ولي السقاية من بعد
عبد المطلب ولده العباس، وهو يومئذ من أحدث إخوته سنًّا، فلم تزل بيده حتى
قام الإسلام وهي بيده، فأقرّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معه فهي اليوم إلى بني العباس.
ورَوَى الفاكهيّ من طريق الشعبيّ قال: تكلم العباس، وعليّ، وشيبة بن
عثمان في السقاية، والحجابة، فأنزل الله: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} الآية إلى قوله:
{حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} الآية [التوبة: 19 - 24]، قال: حتى تفتح مكة.
ومن طريق ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أن العباس لما مات أراد
علئ أن يأخذ السقاية، فقال له طلحة: أشهد لرأيت أباه يقوم عليها، وأن أباك
أبا طالب لنازل في إبله بالأراك بعرفة، قال: فَكَفّ عليّ عن السقاية.
ومن طريق ابن جريج قال: قال العباس: يا رسول الله لو جمعت لنا
الحجابة، والسقاية؟ فقال: "إنما أعطيتكم ما تُرْزءون، ولم أعطكم ما
تَرزُءون"، الأول بضم أوله، وسكون الراء، وفتح الزاي، والثاني بفتح أوله،
وضم الزاي: أي أعطيتكم ما ينقصكم، لا ما تنقصون به الناس.
وروى الطبرانيّ، والفاكهيّ حديث السائب المخزوميّ، أنه كان يقول:
اشربوا من سقاية العباس، فإنه من السنة، كذا في "الفتح" (?).
وقال الطبريّ: قال أهل التواريخ: كان أصل السقاية حياضًا من أَدَمٍ
توضع على عهد قُصَيّ بفناء الكعبة، وششقي فيها الماء للحاج، وأصل الرفادة
خَرْجًا كانت قريش تخرجه من أموالها إلى قُصي يصنع به طعامًا للحاج يأكله
من ليس له سعة، وما زال ذلك الأمر حتى قام به هاشم، ثم أخوه المطلب،
ثم عبد المطلب، ثم قام به العباس. انتهى (?).
(فَأَذِنَ لَهُ) أي: أذن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- للعبّاس أن يبيت تلك الليالي بمكة، ويترك
المبيت بمنى، وفي رواية: رَخَّص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعباس أن يبيت بمكة أيام
منى من أجل سقايته، والمراد بأيام منى لياليها، كما وقع في رواية البخاري،
وهي ليلة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر.