شرح الحديث:
عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَنَحْنُ بِمِنًى) جملة
حاليّة، أي والحال أننا بمنى، وقوله: (نَحْنُ نَازِلُونَ) مقول "قال" (غَدًا) أي:
في اليوم التالي، قال الفيّوميّ رحمه الله: الغد: اليوم الذي يأتي بعد يومك على
أَثَرِهِ، ثم توسّعوا فيه حتى أُطلق على البعيد الْمُتَرَقَّب، وأصله غَدْوٌ، مثل فَلْسٍ،
لكن حُذفت اللام، وجُعلت الدال حرف إعراب، قال الشاعر [من الرجز]:
لَا تَقْلُوَاهَا وَادْلُوَاهَا دَلْوَا ... إِنَّ مَعَ الْيَوْمِ أَخَاهُ غَدْوَا (?)
وفي الرواية الماضية: "نَنْزِلُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ"، فزاد المشيئة؛ تبرّكًا،
وامتثالًا لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}
(بِخَيْفِ بَنِي كنَانَةَ) أي: في خيفهم، فالباء بمعنى "في"، والخيف -بفتح الخاء
المعجمة، وسكون التحتانيّة، آخره فاء- هو ما انحدر من الجبل، وارتفع عن
المسيل، و"كنانة" بكسر الكاف، وتخفيف النون الأولى، قاله في "العمدة" (?).
وقال الفيّوميّ رحمه الله: والخيف ساكن الياء: ما ارتفع من الوادي قليلًا عن
مسيل الماء، ومنه مسجد الخيف بمنى؛ لأنه بُني في خيف الجبل، والأصل
مسجد خيف منى، فخُفّف بالحذف، ولا يكون خيفٌ إلا بين جبلين. انتهى (?).
وفي رواية البخاريّ: "قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الغد يومَ النحر، وهو بمنى نحن
نازلون ... إلخ" وقوله: "يومَ النحر" منصوب على الظرفيّة، أي قال ذلك في
غداة يوم النحر، قال الكرمانيّ رحمه الله: [فإن قلت]: النزول في المحصَّب هو في
اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، لا في اليوم الثاني من العيد الذي هو الغد
حقيقه.
[قلت]: تُجُوِّز عن الزمان المستقبل القريب بلفظ الغد، كما يُتَجَوَّز
بالأمس عن الماضي. انتهى (?).
(حَيْثُ تَقَاسَمُوا) أي: تحالفوا (عَلَى الْكُفْرِ) بالله تعالى، وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-،
قال النوويّ رحمه الله: ومعنى "تقاسموا على الكفر": تحالفوا، وتعاهدوا عليه،