والتاخير؛ لما ينالهم في ذلك اليوم من شدّة الزحام، وصعوبة المقام، فهذا
مصداق قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بُعثتُ بالحنيفيّة السمحة" (?).
7 - (ومنها): أن البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- استَدَلّ به على أن من حلف على شيء،
ففعله ناسياً أن لا شيء عليه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع
والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم التقديم والتأخير في
أعمال يوم النحر:
(اعلم): اختلفوا في جواز تقديم بعضها على بعض، فأجمعوا على
الإجزاء في ذلك، كما قاله ابن قدامة في "المغني"، إلا أنهم اختلفوا في
وجوب الدم في بعض المواضع، وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ- (?): رُوي عن ابن عباس،
ولم يثبت عنه أن من قَدَّم شيئاً على شيء، فعليه دم، وبه قال سعيد بن جبير،
وقتا دة، والحسن، والنخعيّ، وأصحاب الرأي. انتهى.
قال في "الفتح": وفي نسبة ذلك إلى النخعيّ، وأصحاب الرأي نظر،
فإنهم لا يقولون بذلك، إلا في بعض المواضع، كما سيأتي.
قال: وذهب الشافعيّ، وجمهور السلف، والعلماء، وفقهاء أصحاب
الحديث إلى الجواز، وعدم وجوب الدم؛ لقوله للسائل: "لا حرج"، فهو ظاهر
في رفع الإثم والفدية معاً؛ لأن اسم الضيق يشملهما.
قال الطحاويّ: ظاهر الحديث يدل على التوسعة في تقديم بعض هذه
الأشياء على بعض، قال: إلا أنه يَحْتَمِل أن يكون قوله: "لا حرج" أي لا إثم
في ذلك الفعل، وهو كذلك من كان ناسياً أو جاهلاً، وأما من تعمد
المخالفة، فتجب عليه الفدية.
وتُعُقِّب بأن وجوب الفدية يحتاج إلى دليل، ولو كان واجباً لبيّنه - صلى الله عليه وسلم -
حينئذ؛ لأنه وقت الحاجة، ولا يجوز تأخيره.
وقال الطبريّ: لم يسقط النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الحرج، إلا وقد أجزأ الفعل؛ إذ لو لم