وخَصّ أبا طلحة - رضي الله عنه - بالقسمة؛ التفاتاً إلى هذا المعنى؛ لأنه هو الذي حفر
قبره - صلى الله عليه وسلم -، ولحد له، وبنى فيه اللبن. انتهى.
6 - (ومنها): مواساة الإمام والكبير بين أصحابه وأتباعه، فيما يفرّقه
عليهم من عطاء وهدية.
7 - (ومنها): أن المواساة لا تستلزم المساواة، حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى أبا
طلحة وزوجه شعر شقّه، ووزعّ على سائر الناس مع كثرتهم شعر شقّه الآخر.
8 - (ومنها): أن فيه تفضيل من يتولى التفرقة على غيره بالزيادة في
العطيّة.
9 - (ومنها): أن حلق الرأس أفضل من التقصير؛ اقتداءً بفعله - صلى الله عليه وسلم -،
ولقوله: "اللهم ارحم المحلّقين ثلاثاً"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه
المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب
قال:
[3154] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ،
قَالُوا: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، أمَّا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ فِي
رِوَايَتِهِ: لِلْحَلَّاقِ هَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، هَكَذَا، فَقَسَمَ شَعَرَهُ بَيْنَ مَنْ
يَلِيهِ، قَالَ: ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَلَّاقِ، وَإِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أمّ سُلَيْمٍ،
وَأمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ قَالَ: فَبَدَأَ بِالشَّقِّ الْأَيْمَنِ، فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ
بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ بِالْأَيْسَرِ، فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: "هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ؟ "
فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
كلهم ذُكروا في الباب، وفي الذي قبله، و"ابن نُمير" هو: محمد بن
عبد الله بن نمير.
وقوله: (لِلْحَلَّاقِ هَا) هكذا في رواية مسلم "ها"، وفي رواية أبي يعلى
الآتية: "وقال للحلاق: هنا"، وهو اسم إشارة للمكان، أي: ابدأ من هنا،
يعني الجانب الأيمن، وأما "ها" في رواية المصنّف، فهي اسم فعل أمر بمعنى