وجماهير العلماء أنه لا يجوز الرمي في الأيام الثلاثة إلا بعد الزوال؛ لهذا
الحديث الصحيح، وقال طاوس، وعطاء: يجزئه في الأيام الثلاثة قبل الزوال،
وقال أبو حنيفة، واسحاق ابن راهويه: يجوز في اليوم الثالث قبل الزوال.
قال: دليلنا أنه - صلى الله عليه وسلم - رَمَى كما ذكرنا، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لتأخذوا مناسككم".
انتهى (?).
ورَوَى الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: قال: كنا نتحيّن - أي
نراقب الوقت - فإذا زالت الشمس رمينا.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه دليل على أن السنة أن يرمي الجمار في غير يوم
الأضحى بعد الزوال، وبه قال الجمهور، وخالف فيه عطاء، وطاوس فقالا:
يجوز قبل الزوال مطلقاً، ورخّص الحنفية في الرمي في يوم النفر قبل الزوال،
وقال إسحاق: إن رمى قبل الزوال أعاد إلا في اليوم الثالث فيجزئه. انتهى.
وقال بعض المحقّقين: لا دليل على ما ذهب إليه عطاء وطاوس، لا من
فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا من قوله، وأما ترخيص الحنفية في الرمي في يوم النفر قبل
الزوال، فاستدلوا عليه بأثر ابن عباس - رضي الله عنهما -، وهو ضعيف، فالمعتمد ما قال به
الجمهور. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: أثر ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: ما أخرجه البيهقيّ بسنده،
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إذا انتفح النهار من يوم النفر الآخر، فقد حَلَّ الرمي
والصدر"، قال البيهقيّ: طلحة بن عمرو المكي - يعني أحد رواته - ضعيف (?).
قال ابن الهمام الحنفيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ولا شك أن المعتمد في تعيين الوقت
للرمي في الأول من أول النهار، وفيما بعده من بعد الزوال ليس إلا فِعله
كذلك، مع أنه غير معقول - أي لا مدخل للعقل فيه - ولا يدخل وقته قبل
الوقت الذي فَعله فيه - صلى الله عليه وسلم - كما لا يُفعل في غير ذلك المكان الذي رَمَى فيه
النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما رمى - صلى الله عليه وسلم - في الرابع بعد الزوال فلا يُرمى قبله. انتهى (?).
وقال الشيخ الشنقيطيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "أضواء البيان": اعلم أن التحقيق أنه لا