وذهب الشافعيّ، وأبو ثور إلى أن على تارك حصاة مدّاً من طعام، وفي
اثنتين مدّين، وفي ثلاث فأكثر دماً.
وللشافعيّ قول آخر أن في الحصاة ثلث دم، وله قول آخر أن في الحصاة
درهماً.
وذهب أبو حنيفة، وصاحباه إلى أنه إن ترك أكثر من نصف الجمرات
الثلاث، فعليه دم، وإن ترك أقلّ من نصفها، ففي كلّ حصاة نصف صاع، وعن
طاوس: إن رمى ستّاً يُطعم تمرة، أو لقمة.
وذكر الطبريّ عن بعضهم أنه لو ترك رمي جميعهنّ بعد أن يكبّر عند كلّ
جمرة سبع تكبيرات أجزأه ذلك، وقال: إنما جعل الرمي في ذلك بالحصى
سبباً لحفظ التكبيرات السبع، كما جُعل عقد الأصابع بالتسبيح سبباً لحفظ
العدد.
وذكر يحيى بن سعيد أنه سئل عن الخرز، والنوى يُسَبَّح به؛ قال: حسن،
قد كانت عائشة - رضي الله عنها - تقول: إنما الحصى للجمار ليحفظ به التكبيرات.
وقال الحكم، وحماد: من نَسِي جمرة، أو جمرتين، أو حصاتين يُهريق
دماً.
وقال عطاء: من نسي شيئاً من رمي الجمار، فذكر ليلاً، أو نهاراً، فيلزمه
ما نسي، ولا شيء عليه، وإن مضت أيام التشريق، فعليه دم، وهو قول
الأوزاعيّ.
وقال مالك إن نسي حصاة من الجمرة حتى ذهبت أيام الرمي، ذبح
شاة، وإن نسي جمرة تامة ذبح بقرة.
واختلفوا فيمن رمى سبع حصيات في كلّ مرّة واحدةً، فقال الشافعيّ: لا
يجزيه، إلا عن حصاة واحدة، ويرمي بعدها ستّاً، وقال عطاء: تجزيه عن
السبع، وهو قول أبي حنيفة، كما في سياط الحدّ سوطاً سوطاً، ومجتمعة، إذا
علم وصول الكلّ إلى بدنه.
قال العينيّ: هذا الذي ذُكر عن أبي حنيفة ذَكَره صاحب "التوضيح"،
وذكر في "المحيط": ولو رمى إحدى الجمار بسبع حصيات رَمْيةً واحدةً، فهي
بمنزلة حصاة، وكان عليه أن يرمي ستّ مرات، قال: العمدة في النقل عن