فهذا حديث صحيح ونصّ صريح في أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنشأ الإحرام من أول الأمر

قارنًا، وما عدا ذلك من الروايات فتؤوّل على ما يوافق هذا المعني، وقد مرّ

توجيهها، فلا تغفل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو

المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [32/ 3034 و 3035] (1253)، و (البخاريّ) في

"العمرة" (1778 و 1779 و 1780) و"الجهاد" (3066) و"المغازي" (4148)،

و(أبو داود) في "المناسك" (1994)، و (الترمذيّ) في "الحجِّ" (815)،

و(أحمد) في "مسنده" (3/ 134 و 245 و 256)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"

(3571)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (3764)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (5/

253)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (3/ 348)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (4/

345 و 5/ 10 و 9/ 56)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (1846)، والله تعالى

أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان عدد عُمَر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي أربع.

2 - (ومنها): بيان استحباب العمرة في أشهر الحج؛ لِما لها من الفضل،

ولمخالفة أهل الجاهليّة، حيث كانوا يرونه من أفجر الفجور، كما سبق بيانه.

3 - (ومنها): بيان أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قارنًا في حجته، وهذا هو الصحيح من

أقوال العلماء، كما أسلفت حججه قريبًا، وأما الأحاديث الدالّة على أنه

كان متمتعًا فتؤوّل على أنه أمر بالتمتّع، فنُسب إليه، أو المراد به التمتّع

اللغويّ؛ لأن القران يُسمّى تمتّعًا، حيث تمتّع القارن بعمل الحج، ولم يحتج

إلى عمل مفرد للعمرة، وإطلاق التمتّع على القران هو الذي كان عُرف

الصحابة - رضي الله عنهم -، كما تقدّم بيانه عن ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ -.

4 - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى صحة قول الجمهور: إنه لا يجب القضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015