وقوله: (إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ تَفَشَّغَ بِالنَّاسِ) بتقديم الفاء على الشين: أي كثر
وانتشر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب
قال:
[3021] (1245) - (وَحَدَّثنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ،
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ
حَاجٌّ، وَلَا غَيْرُ حَاجٍّ إِلَّا حَلَّ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيْنَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللهِ
تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ،
فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ، وَقَبْلَهُ، وَكَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) ابن راهويه، تقدّم قبل باب.
2 - (مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ) البُرْسانيّ، تقدّم أيضًا قبل باب.
3 - (ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج، تقدّم أيضًا قبل
باب.
4 - (عَطَاءُ) بن أبي رباح، تقدّم قريبًا.
و(ابن عبّاس - رضي الله عنهما -) ذُكر قبله.
شرح الحديث:
عن عَطَاء بن أبي رباح أنه (قَالَ. كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: لَا يَطُوفُ
بالْبَيْتِ حَاجٌّ) أي مهلّ بالحاجّ (وَلَا غَيْرُ حَاجٍّ) وهو المعتمر (إِلَّا حَلَّ) أي بعد
أَن يسعى؛ لأن مراد ابن عبّاس - رضي الله عنهما - فسخ الحجِّ بعمل العمرة، كما أسلفنا
تحقيقه في الحديث الماضي، قال ابن جريجٍ: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ) أي ابن أبي رباح
(مِنْ أَيْنَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ ) أي ما هي حجة ابن عبّاس في ذلك؟ (قَالَ) عطاء (مِنْ
قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا}) أي محل الهدي، وانتهاؤه إلى ({الْبَيْتِ
الْعَتِيقِ}) وهو الكعبة كما قال تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}. (قَالَ) ابن جريجٍ
(قُلْتُ: فَمنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ) بفتح الراء: أي بعد التعريف، أي الوقوف