(المسألة الرابعة): في الاختلاف الواقع في سند هذا الحديث:
(اعلم): أنه وقع اختلاف في هذا الإسناد، ولم يُشر إليه المصنّف، وقد أشار إليه الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه"، فقال في "كتاب الحدود":
(6811) - حدثنا عمرو بن عليّ، حدثنا يحيي، حدثنا سفيان، قال: حدثني منصور، وسليمان، عن أبي وائل، عن أبي مَيْسَرة، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الذَّنْب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نِدًّا، وهو خلقك"، قلت: ثم أيّ؟ قال: "أن تَقْتُل ولدك من أجل أن يَطْعَم معك"، قلت: ثم أيّ؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك".
قال يحيى: وحدثنا سفيان، حدثني واصل، عن أبي وائل، عن عبد الله، قلت: يا رسول الله مثله، قال عمرو: فذكرته لعبد الرَّحمن، وكان حدثنا عن سفيان، عن الأعمش، ومنصور، وواصل، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة، قال: دَعْهُ دَعْهُ.
وقوله: "قال عمرو" هو: ابن عليّ الفلاس، فذكرته لعبد الرَّحمن - يعني ابن مهديّ -.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: هكذا ذكره البخاريّ عن عمرو بن عليّ، قَدَّم رواية يحيى على رواية عبد الرَّحمن، وعَفبها بالفاء، وقال الهيثم بن خَلَف فيما أخرجه الإسماعيلي عنه: عن عمرو بن عليّ، حدثنا عبد الرَّحمن بن مهديّ، فساق روايته، وحذف ذكر واصل من السند، ثم قال: وقال عبد الرَّحمن مرّة: عن سفيان، عن منصور، والأعمش وواصل، فقلت لعبد الرَّحمن: حدثنا يحيى بن سعيد، فذكره، فقال عبد الرَّحمن: دَعْهُ.
والحاصل أن الثوريّ حَدَّث بين أبي وائل وبين ابن مسعود أبا ميسرة، وأما واصل فحذفه، فضبطه يحيى القطان عن سفيان هكذا مُفَصَّلًا، وأما عبد الرَّحمن، فحَدَّث به أولًا بغير تفصيل، فحَمَلَ روايةَ واصل على رواية منصور والأعمش، فجمع الثلاثة، وأدخل أبا ميسرة في السند، فلما ذَكَرَ له عمرو بن عليّ أن يحيى فَصَّله، كأنه ترَدَّد فيه، فاقتصر على التحديث به عن سفيان، عن منصور والأعمش حَسْبُ، وترك طريق واصل، وهذا معنى قوله: