ومُحَسِّر ليس من المزدلفة، والله أعلم. انتهى (?).
وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "نحرت ها هنا ... إلخ" في هذه الألفاظ
بيان رفق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأمته، وشفقته عليهم في تنبيههم على مصالح دينهم
ودنياهم، فإنه -صلى الله عليه وسلم- ذَكَر لهم الأكمل والجائز، فالأكمل موضع نحره، ووقوفه،
والجائز كلُّ جزء من أجزاء الْمَنْحَر، وكلّ جزء من أجزاء عرفات، وكل جزء
من أجزاء المزدلفة، وهي جَمْعٌ -بفتح الجيم، وإسكان الميم- وسبق بيانها،
وبيان حدها، وحد منى في هذا الباب. انتهى.
وأما عرفات: فحدُّها: ما جاوز وادي عُرُنةَ إلى الجبال القابلة مما يلي
بساتين ابن عامر، هكذا نَصَّ عليه الشافعيّ، وجميع أصحابه، ونَقَل الأزرقيّ عن
ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: حَدُّ عرفات من الجبل المشرف على بطن عُرُنة إلى جبال
عرفات، إلى وَصِيق- بفتح الواو، وكسر الصاد المهملة، وآخره قاف- إلى مُلْتَقَى
وَصِيق وادي عرنة، وقيل في حدّها: غير هذا، مما هو مُقارب له، وقد بسطت
القول في إيضاحه في "شرح المهذب"، و"كتاب المناسك"، والله أعلم. انتهى.
[تنبيه]: ينبغي أن أذكر هنا ما ذكره النوويّ -رحمه الله- في "المجموع" من حدود
عرفات، والمزدلفة، ومنى، والمشعر الحرام، وما يتعلّق بذلك، وإن كان قد
تقدّم ذكره مفرّقًا، إلا أن ذكره مجموعًا في موضع واحد يُعين على حفظه وفهمه.
قال-رحمه الله-: يصح الوقوف في أيّ جزء كان من أرض عرفات بإجماع
العلماء؛ لحديث جابر -رضي الله عنه- السابق أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "وعرفة كلها موقف"،
قال الشافعيّ، والأصحاب، وغيرهم من العلماء: وأفضلها موقف
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو عند الصخرات الكبار المفترشة في أسفل جبل الرحمة،
وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات، ويقال له: إِلَالٌ، بكسر الهمزة، على
وزن هِلال، وذكر الجوهريّ في "صحاحه" أنه بفتح الهمزة، والمشهور كسرها.
قال: وأما حدّ عرفات، فقال الشافعيّ -رحمه الله-: هي ما جاوز وادي عُرَنة-
بعين مضمومة، ثم راء مفتوحة، ثم نون -إلى الجبال القابلة مما يلي بساتين
ابن عامر، هذا نصّ الشافعيّ، وتابعه عليه الأصحاب، ونَقَل الأزرقيّ، عن ابن