فَمِنْ طَالِب حَظًّا بِدُنْيَا فَمَا لَهُ ... خَلَاقٌ بِأُخْرَاهُ إِذَا اللهُ لَاقَاهُ

وَمِنْ طَالِبٍ حُسْنًا بِدُنْيَا لِدِينِهِ ... وَحُسْنًا بِأُخْرَاهُ وَذَاكَ يُوَفَّاهُ

وَآخَرُ لَا يَبْغِي مِنَ اللهِ حَاجَةً ... سِوَى نَظْرَةٍ فِي وَجْهِهِ يَوْمَ عُقْبَاهُ

طواف الوداع

وَبَاتَ حَجِيجُ اللهِ بالْبَيْتِ مُحْدِقًا ... وَرَحْمَةُ رَبّ الْعَرْشِ ثَمَّتَ تَغْشَاهُ

تَدَاعَتْ رِفَاقًا بِالزَحِيلِ فَمَا تَرَى ... سِوَى دَمْعِ عَيْنٍ بِالدّمَاءِ مَزَجْنَاهُ

لِفُرْقَةِ بَيْتِ اللهِ وَالْحَجَرِ الَّذِي ... لأَجْلِهِمَا صَعْبَ الأُمُورِ سَلَكْنَاهُ

وَوَدعَتِ الْحُجَّاجُ بَيْتَ إِلَاهِهَا ... وَكُلُّهُمُ تَجْرِي مِنَ الْحُزْنِ عَيْنَاهُ

فَلِلَّهِ كَمْ بَاكٍ وَصَاحِبِ حَسْرَةٍ ... يَوَدُّ بِأَنَّ اللهَ كَانَ تَوَفَّاهُ

فَلَوْ تَشْهَدُ التَّوْدِيعَ يَوْماً لِبَيْتِهِ ... فَإِنَّ فِرَاقَ الْبَيْتِ مُرّ وَجَدْنَاهُ

فَمَا فُرْقَةُ الأَوْلَادِ وَاللهِ إِنَّهُ ... أَمَرُّ وَأَدْهَى ذَاكَ شَئءٌ خَبَرْنَاهُ

فَمَنْ لَمْ يُجَرِّبْ لَيْسَ يَعْرِفُ قَدْرَهُ ... فَجَرّبْ تَجِدْ تَصْدِيقَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ

لَقَدْ صُدِعَتْ أَكْبَادُنَا وَقُلُوبُنَا ... لِمَا نَحْنُ مِنْ مُرِّ الْفِرَاقِ شَرِبْنَاهُ

وَوَاللهِ لَوْلَا أَنْ نُؤَمّلَ عَوْدَة ... إِلَيْهِ لَذُقْنَا الْمَوْتَ حِينَ فُجِعْنَاهُ

ذكرُ الرحيل إلى طيبة، وزيارةُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-

وَمِنْ بَعْدِ مَا طُفْنَا طَوَافَ وَدَاعِنَا ... رَحَلْنَا لِمَغْنَى الْمُصْطَفَى وَمُصَلَّاهُ

وَوَاللهِ لَوْ أَنَّ الأَسِنَّةَ أُشْرِعَتْ ... وَقَامَتْ حُرُوبٌ دُونَهُ مَا تَرَكْنَاهُ

وَلَوْ أَنَّنَا نَسْعَى عَلَى الرَّأسِ دُونَهُ ... وَمِنْ دُويهِ جَفْنَ الْعُيُونِ فَرَشْنَاهُ

وَتُمْلَكُ مِنَّا بِالْوُصُولِ رِقَابُنَا ... وَيُسْلَبُ مِنَّا كُلُّ شَيءٍ مَلَكْنَاهُ

لَكَانَ يَسِيرًا فِي مَحَبَّةِ أَحْمَدٍ ... وَبِالرُّوحِ لَوْ يُشْرَى الْوِصَالُ شَرَيْنَاهُ

وَرَبِّ الْوَرَى لَوْلَا مُحَمَّدُ لَمْ نَكُنْ ... لِطَيْبَةَ نَسْعَى وَالرّكَابَ شَدَدْنَاهُ

وَلَوْلَاهُ مَا اشْتَقْنَا الْعَقِيقَ وَلَا قُبَا ... وَلَوْلَاهُ لَمْ نَهْوَ الْمَدِينَةَ لَوْلَاهُ

هُوَ الْقَصْدُ إِنْ غَنَّتْ بِنَجْدٍ حُدَاتُنَا ... وَإِلَّا فَمَا نَجْدٌ وَسَلْعٌ أَرَدْنَاهُ

وَمَا مَكَّة وَالْخَيْفُ قُلَ لِي وَلَا مِنًى ... وَمَا عَرَفَات قَبْلَ شَرْعٍ أَرَانَاهُ

بِهِ شُرّفَتْ تِلْكَ الأَمَاكِنُ كُلُّهَا ... وَرَبُّكَ قَدْ خَصَّ الْحَبِيبَ وَأَعْطَاهُ

لِمَسْجِدِهِ سِرْنَا وَشُدَّتْ رِحَالُنَا ... وَبَيْنَ يَدَيْهِ شَوْقُنَا قَدْ كَشَفْنَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015