قال الحافظ ابن رجب - رَحِمَهُ اللهَ - بعد أن ذكر اختلاف ألفاظ هذا الحديث: وهذه الألفاظ متقاربة المعنى، أو متّحدة؛ لأن ما كان من الأعمال أحبّ إلى الله تعالى، فهو أفضل الأعمال، وهو أقرب إلى الجنّة من غيره، فإن ما كان أحبّ إلى الله، فعامله أقرب إلى الله من غيره، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربّه قال: "ما تقرّب إليّ عبدي بمثل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه ... " الحديث، أخرجه البخاريّ.
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أفضل الأعمال أداء ما فرض الله، وكذا قال عمر بن عبد العزيز في خطبته. انتهى (?).
وقوله: ("عَلَى مَوَاقِيتِهَا") قيل: "على" بمعنى اللام، ففيه ما تقدم، وقيل: لإرادة الاستعلاء على الوقت، وفائدته تحقُّق دخول الوقت؛ ليقع الأداء فيه، قاله في "الفتح" (?).
وقوله: (وَمَاذَا يَا نَبِي اللهِ؟ ) أي وما الذي يلي الصلاة في الفضل؟ ، وتمام شرح الحديث، وبيان مسائله تقدّما في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
[261] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَن الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّار، وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ الله، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا"، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ ، قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ"، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ ، قَالَ: "ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ"، قَالَ: حَدَّثَني بِهِنَّ، وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ) أبو عمرو البصريّ، ثقةٌ، حافظٌ [10]