1 - (فمنها): بيان حجة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منذ أن خرج من المدينة إلى أن انتهى
من أعمال الحج، فجابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أحسن الصحابة الذين رووا حجة
الوداع سياقة لها.
2 - (ومنها): أنه يستحب من ورد عليه زائرون، أو ضِيفان، ونحوهم أن
يسأل عنهم؛ لِيُنْزِلهم منازلهم، كما جاء في حديث عائشة - عَلَيْهَا السَّلَامُ -: "أمرنا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نُنَزِّل الناس منازلهم"، وهو حديث مرسلٌ، لكن قد تقدّم أنّ
المصنّف احتجّ به في "مقدّمة صحيحه".
3 - (ومنها): أن فيه إكرامَ أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما فعل جابر - رضي الله عنه -
بمحمد بن عليّ.
4 - (ومنها): استحباب قوله للزائر، والضيف، ونحوهما: "مَرْحَباً".
5 - (ومنها): ملاطفة الزائر بما يليق به، وتأنيسه، وهذا سبب حَلّ
جابر - رضي الله عنه - زِرَّي محمد بن علي -رَحِمَهُ اللهُ-، ووضع يده بين ثدييه، وإنما فعل به
ذلك؛ تأنيساً له؛ لصغره، كما أشار إليه بقوله: "وأنا يومئذ غلام شاب"، وأما
الرجل الكبير فلا يحسن إدخال اليد في جيبه، والمسح بين ثدييه، قاله
النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-.
6 - (ومنها): جواز إمامة الأعمى البصراءَ، ولا خلاف في جواز ذلك،
لكن اختلفوا في الأفضل على ثلاثة مذاهب، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وهي ثلاثة
أوجه لأصحابنا: أحدها: إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير؛ لأن الأعمى
أكمل خشوعاً لعدم نظره إلى الملهيات.
والثاني: البصير أفضل لأنه أكثر احترازاً من النجاسات.
والثالث: هما سواء؛ لتعادل فضيلتهما، وهذا الثالث هو الأصح عند
أصحابنا، وهو نصّ الشافعيّ.
قال الجامع عفا الله عنه: إن مثل هذا الاختلاف مما يُتعجب منه، فكيف
يختلفوفي فيه بعد بيان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأحقّ والأفضل في الإمامة، فقد أخرج مسلم
في "صحيحه" عن أبي مسعود - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤم القوم أقرؤهم
لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة
سواءً، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سِلْماً ... "