عليه أحمد، وكذا إن كان في عام مجاعة، ونحوها، فهو أفضل من الحجِّ عند الإمام أحمد، وقد يقال في الجهاد ذلك إذا لَمْ يتعيّن.
وهذا الكلام كلّه في تفضيل بعض الأعمال على بعضها لذاتها، فأما تفضيل بعض الأعمال على بعض لزمانها، أو مكانها، فإنه قد تقترن بالعمل المفضول من زمان، أو مكان ما يصير به فاضلًا، فهذا فيه كلام آخر، نذكره في موضع آخر - إن شاء الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -. انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا حقّق الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى الجمع بين هذه الأحاديث المختلفة في أفضل الأعمال، وطوّل نفسه في ذلك حسبما ظهر له، ولكن الذي يظهر لي، ويترجّح عندي، وإن لَمْ يره هو ما تقدّم من أن أجوبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "اختلفمت بحسب اختلاف الأشخاص السائلين، والمخاطبين، وبحسب الأوقات، والأمكنة، وهذا هو الذي يظهر من تحقيق ابن رجب، وتحريره، وبسطه الكلام، فإن من تأمل ذلك، ولا سيّما أواخر كلامه ظهر له أنه يرى أن الأجوبة صدرت بحسب ما قلنا، فهو وإن لَمْ يصرّح به، لكنه مُفاد ما ساقه، ومقتضى ما حقّقه، فتأمله بإنصاف.
والحاصل أنه لا اختلاف في الحقيقة بين النصوص المذكورة، لهذا الذي بيّنّاه، فأمعن نظرك في التحقيق، يظهر لك الفهم الدقيق، وبالله تعالى التوفيق، وهو - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
[260] ( ... ) - (حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيّ، حَدَّثنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثنَا أَبُو يَعْفُورٍ، عَن الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَار، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا"، قُلْتُ: وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: "بِرُّ الْوَالِدَيْنِ"، قُلْتُ: وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللهِ؟ ، قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ").