صلاة الظهر، إلا التي يوم عرفات، فإنها خطبتان، وقبل الصلاة، قال
أصحابنا: ويُعَلّمهم في كل خطبة من هذه ما يحتاجون إليه إلى الخطبة
الأخرى، والله أعلم. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "فخطب الناس" دليل لمالك وجميع المدنيين
والمغاربة؛ إذ قالوا: ليوم عرفة خطبة قبل الصلاة، يُذَكِّر الناس فيها، ويُعَلِّمُهم
ما يستقبلون من الوقوف وغيره من المناسك، وهو أيضًا حجة على الشافعيّ،
وأبي حنيفة؛ إذ قالا: ليست عرفة بموضع خطبة، وهو قول العراقيين من
أصحابنا.
وخطب الحج عندنا ثلاثة:
يوم التروية بعد صلاة الظهر في المسجد الحرام، يذكّر الناس، ويحلّمهم
أحكام إحرامهم، ويحضهم على الخروج إلى منى.
والثانية: بعرفة قبل الصلاة بإجماع من القائل بها، وأجمعوا: على أنه لو
صلَّى ولم يخطب فصلاته جائزة.
والثالثة: بعد يوم النحر، يُعلِّمُهم فيها أحكام الرمي والتعجيل.
انتهى (?).
وقال الزرقانيّ رحمهُ اللهُ: في الحديث أنه يستحبّ للإمام أن يخطب يوم عرفة
في هذا الموضع، وبه قال الجمهور، والمدنيون والمغاربة من المالكيّة، وهو
المشهور، فقول النوويّ: خالف فيها المالكيّة، فيه نظرٌ إنما هو قول العراقيين
منهم، والمشهور خلافه، واتّفق الشافعيّة أيضًا على استحبابها خلافًا لما تَوَهَّمه
عياض والقرطبيّ. انتهى (?).
(وَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- في خطبته تلك ("إِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ) زاد في حديث ابن
عبّاس عند أحمد، والبخاريّ، والترمذيّ، والبيهقيّ، وفي حديث ابن عمر عند
البخاريّ: "وأعراضكم"، والْعِرْضُ بكسر العين: موضع المدح والذمّ من
الإنسان، سواء كان في نفسه، أو في سلفه، قال الحافظ: هذا الكلام على