(وَأَحْرِمِي") بقطع الهمزة، من الإحرام؛ أي: أحرمي بالنيّة والتلبية، وفيه
صحّة إحرام النفساء، ومثلها الحائض، وأولى منهما الجنب؛ لأنهما شاركتاه
في شمول اسم الحدث، وزادتا عليه بسيلان الدم، وهو مجمع عليه (?).
(فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أي: ركعتي الظهر، وقيل: سنة الإحرام،
والصحيح الأول (فِي الْمَسْجِدِ) أي: في مسجد ذي الحليفة، قال ابن العجميّ
في منسكه: ينبغي إن كان في الميقات مسجد أن يصلي ركعتي الإحرام فيه،
ولو صلاهما في غير المسجد فلا بأس به، ولو أحرم بغير صلاة جاز، ولا
يصلّ في أوقات الكراهة، وتجزئ المكتوبة عنهما كتحيّة المسجد، وقيل:
صلى الظهر، وقال ابن القيّم: لَمْ ينقل أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى للإحرام ركعتين غير فرض
الظهر، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًي، وبالله تعالى التوفيق.
(ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ) بفتح القاف، وبالمدّ: اسم ناقة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال
القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: ووقع في نسخة العذريّ "القُصْوَى" بضم القاف،
والقصر، قال: وهو خطأٌ، قال القاضي: قال ابن قتيبة: كانت للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُوقٌ:
القصواء، والجدعاء، والعضباء، قال أبو عبيد: العضباء: اسم لناقة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
ولم تسم بذلك لشيء أصابها، قال القاضي: قد ذكر هنا أنه "رَكِب القصواء"،
وفي آخر هذا الحديث: "خطب على القصواء"، وفي غير مسلم: "خطب على
ناقته الجدعاء"، وفي حديث آخر: "على ناقةٍ خَرْماء"، وفي آخر: "العضباء"،
وفي حديث آخر: "كانت له ناقة لا تُسْبَق"، وفي آخر: "تسمى مخضرمة"،
وهذا كله يدلُّ على أنَّها ناقة واحدة، خلاف ما قاله ابن قتيبة، وأن هذا كان
اسمها، أو وصفها لهذا الذي بها، خلاف ما قال أبو عبيد، لكن يأتى في
"كتاب النذر" أن القصواء غير العضباء، كما سنبينه هناك.
قال الحربيّ: الْعَضْبُ والْجَدْع، والْخَرْم، والْقَصْوُ، والْخَضْرمة في الأُذن،
قال ابن الأعرابيّ: القصواء التي قُطِع طرف أذنها، والجدع أكثر منه.
وقال الأصمعيّ: والقصو مثله، قال: وكل قطع في الأذن جدع، فإن
جاوز الربع فهي عضباء، والمخضرم مقطوع الأذنين، فإن اصطلمتا فهي صَلْمَاء.