النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًي، قَالَ: فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بن فرّوخ القطّان، تقدّم قريبًا.
والباقون ذُكروا في الباب.
وقوله: (أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى) يعنى يوم التروية كما صُرِّح به في
الرواية السابقة، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفيه دليل لمذهب الشافعيّ وموافقيه، أن
الأفضل للمتمتع، وكلِّ من أراد الإحرام بالحج من مكة أن لا يحرم به إلَّا يوم
التروبة.
وقال مالك، وآخرون: يُحْرِم من أول ذي الحجة، وسبقت المسألة
بأدلتها.
وقوله: (فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "الأبطح": هو بطحاء
مكة، وهو مُتَّصِلٌ بالْمُحَصَّب، قال: قد يَسْتَدِلّ به من يُجَوِّز للمكي والمقيم بها
الإحرام بالحج من الحرم، وفي المسألة وجهان لأصحابنا: أصحهما لا يجوز
أن يُحرم بالحج إلَّا من داخل مكة، وأفضله من باب داره، وقيل: من المسجد
الحرام.
والثاني: يجوز من مكة، ومن سائر الحرم، وقد سبقت المسألة في باب
المواقيت، فمن قال بالثاني احتجَّ بحديث جابر - رضي الله عنه - هذا؛ لأنهم أحرموا من
الأبطح، وهو خارج مكة، لكنه من الحرم، ومن قال بالأول، وهو الأصح
قال: إنما أحرموا من الأبطح؛ لأنهم كانوا نازلين به، وكل من كان دون
الميقات المحدود، فميقاته منزله، كما سبق في باب المواقيت، والله أعلم.
انتهى.
والحديث من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، أخرجه [17/ 2941] (1214)،
و(أحمد) في "مسنده" (3/ 318 و 378)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (2794)،
و(أبو نعيم) في "مستخرجه" (3/ 313)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5/ 31)،
و(الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (2/ 192)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (4/
356 و 5/ 31)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.