3 - (ومنها): أن فيه مصريين: ابن رُمح، والليث، ومكيّين: أبو الزبير،
وجابر، وهو مدني، وقد سكن مكة أيضًا، وبَغلانيّ، وهو قُتيبة.
4 - (ومنها): أن فيه جابر بن عبد اللَّه -رضي الله عنهما- أحد المكثرين السبعة، روى
(1540) حديثًا، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ جَابِرِ) بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما-، أنه (قَالَ: أَقْبَلْنَا) أي: توجهنا إلى مكة حال
كوننا (مُهِلِّينَ) أي: رافعين أصواتنا بالتلبية (مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، بِحَجٍّ مُفْرَدٍ) هذا
باعتبار أغلبهم، وإلا فبعضهم قرن، كالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وذوي أليسار من أصحابه
(وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- مُهِلَةً بعُمْرَةٍ) أي: باعتبار آخر أمرها، وإلا فإنما أهلُّوا في
الميقات بالحجّ، لكن لما أمر خيّرهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الطريق أن يجعلوها عمرة،
فمنهم من جعلها عمرة، ومنهم من استمرّ على حجه حتى عَزَمَ الأمرَ عند
المروة، ففَرَضَ عليهم أن يتحللوا بالعمرة، فصاروا كلهم معتمرين (حَتَّى إِذَا كُنَّا
بِسَرِفَ) بفتح المهملة، وكسر الراء، بعدها فاء: موضع قريبٌ من مكة بينهما
نحو من عشرة أميال، وهو ممنوع من الصرف، وقد يصرف. قاله في "الفتح"
(عَرَكَتْ) -بفتح العين والراء؛ أي: حاضت عائشة -رضي الله عنها-، يقال: عَرَكت تعرُك
عُرُوكًا، من باب قعد: إذا حاضت (حَتَّى إِذَا قَدِمْنَا، طُفْنَا بِالْكَعْبَةِ، وَالصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ) ولفظ النسائيّ: "وبالصفا والمروة"؛ أي: وسعينا بينهما (فَأَمَرَنَا
رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ يَحِلَّ مِنَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: فَقُلْنَا: حِلُّ مَاذَا؟ ) أي:
أيّ نوع من الحلّ هذا الحلّ؟ فإن الإحرام يحصل به حُرُم متعدّدة.
وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا سؤال من جوّز أنه يُحلّ من بعض الأشياء دون
بعضها، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحلّ كله" لا يبقى معه شيء من ممنوعات
الإحرام بعد التحلّل المأمور به. انتهى (?).
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("الْحِلُّ كُلُّهُ") مبتدأ خبره محذوف؛ أي: جائز، أو فاعل لفعل
مقدّر؛ أي: يجوز الحلّ، و"كله" توكيد، يعني أن كلّ الأشياء التي مُنِعت بسبب