قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ، قَالَ:
"أَوَ مَا كُنْتِ طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ " قَالَتْ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ
إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا"، قَالَتْ صَفِيَّةُ: مَا أُرَانِي
إِلَّا حَابِسَتَكُمْ، قَالَ: "عَقْرَى، حَلْقَى، أَوَ مَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قَالَتْ: بَلَى،
قَالَ: "لَا بَأْسَ، انْفِرِي"، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ
مَكَّةَ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ، وَهُوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا، وَقَالَ إِسْحَاقُ: مُتَهَبِّطَةٌ
وَمُتَهَبِّطٌ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) ابن راهويه، تقدّم قبل باب.
2 - (جَرِيرُ) بن عبد الحميد، تقدّم في الباب الماضي.
3 - (مَنْصُورُ) بن المعتمر، تقدّم قبل بابين.
والباقون ذُكروا في الباب.
وقولها: (فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ) -بفتح الحاء، وسكون الصاد
المهملة، وفتح الباء الموحدة- وفي رواية المستملي: "ليلة الحصباء".
وقوله: (ثُمَّ مَوْعِدُكِ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا) هو المحصّب، كما بُيّن في الروايات
الأخرى.
وقولها: (وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ) ولأبي الأسود، عن عروة، عنها:
"مهلّين بالحج"، وللقاسم عنها: "لا نذكر إلا الحجّ"، وله أيضًا: "لبّينا
بالحج"، وظاهره أن عائشة مع غيرها من الصحابة كانوا أولًا محرمين بالحج،
لكن في رواية عروة عنها: "فمنّا من أهلّ بعمرة، ومنّا من أهلّ بحجّ وعمرة،
ومنّا من أهلّ بالحجّ" فيُحْمَل الأول على أنها ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك
الاعتمار في أشهر الحج، فخرجوا لا يعرفون إلا الحجّ، ثم بيّن لهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-
وجوه الإحرام، وجوّز لهم الاعتمار في أشهر الحج.
وَيحْتَمِل في الجمع أيضًا أن يقال: أهلّت عائشة بالحج مفردًا كما فعل
غيرها من الصحابة، وعلى هذا يُنَزَّل حديث الأسود ومن تبعه، ثم أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-
أصحابه أن يفسخوا الحج إلى العمرة، ففعلت عائشة ما صنعوا، فصارت