قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه القائلون بعدم جواز تقديم

إحرام الحجّ عن أشهره هو الصواب عندي؛ لصريح قوله تعالى: {أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} فقد عيّنها وبيّن أن الحجّ يقع فيها، لا في غيرها من الأشهر، ولا

تخالف بين هذه الآية، وآية {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] فإن

هذه محمولة على الأولى، فالمراد بالأهلة التي هي مواقيت للحجّ أهلّة أشهر

الحجّ، لا مطلق الأهلّة، بدليل تعيين وقت أداء الحجّ، فإنه لا يجوز إيقاع

الحجّ في رمضان مثلاً، بالإجماع، والإحرام جزء منه، فلا يجوز تقديم جزئه،

كما لا يجوز تقديم كلّه، وهذا واضح لا خفاء فيه، والله تعالى أعلم

با لصواب.

[تنبيه آخر]: [اعلم]: أن الحجّ على ثلاثة أنواع: إفراد، وتمتّع، وقران،

ويخيّر مريد الإحرام بين هذه الأنواع الثلاثة.

قال العلامة ابن قُدامة -رَحِمَهُ اللهُ-: إن الإحرام يقع بالنسك من وجوه ثلاثة:

تمتع، وإفراد، وقران، وأجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأيّ الأنساك

الثلاثة شاء، وكذا حكى النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "شرح المهذّب"، و"شرح مسلم"

الإجماع على جواز الأنواع الثلاثة، وتأول ما ورد من النهي عن التمتّع عن

بعض الصحابة.

وقال الحافظ وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "طرح التثريب": أجمعت الأمة

على جواز تأدية نسكي الحجّ والعمرة بكل من هذه الأنواع الثلاثة: الإفراد،

والتمتّع، والقران. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا شكّ أن أنواع النسك هي الثلاثة المذكورة،

فبايها أدّى المسلم، فقد فعل ما أمر به، وتمّ نسكه، إلا أن من أتى محرماً

بالحجّ، أو قارناً ولم يسق الهدي لزمه أن يتحلّل بأفعال العمرة، ثم يُحرم

بالحجّ، كما فعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو المذهب الحقّ، على ما

سيأتي تحقيقه، ونستوفي بحثه قريباً - إن شاء الله تعالى -.

والحديث بهذا اللفظ من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، أخرجه هنا [17/ 2921]

(1211)، وأخرجه أيضاً (أبو داود) في "المناسك" (1777)، و (الترمذيّ) في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015