وقال آخرون: معنى قول عبيد بن جريج: "رأيتك تصبغ بالصفرة"، أراد
أنه كان يُصفِّر ثيابه، ويلبس ثيابًا صُفْرًا، وأما الخضاب فلم يكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -
يخضب.
ثم أخرج بسنده عن حميد الطويل قال: سئل أنس بن مالك عن
الخضاب، فقال: خضب أبو بكر بالحنّاء والكتم، فخضب عمر بالحناء، قيل
له: فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لم يكن في لحيته عشرون شعرة بيضاء (?)، قال
حميد - رضي الله عنه - كُنّ سبع عشرة شعرةً.
وأخرج أيضًا عن قتادة، قال: سألت سعيد بن المسيِّب: أخضب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لم يبلغ ذلك.
وذكر مالك عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يلبس الثوب المصبوغ
بالْمِشْق، والمصبوغ با لزعفران.
ثم قال أبو عمر رحمه الله: حديث ابن عمر هذا يدلّ على أن قوله في
حديث عُبيد بن جريج كان في صبغ الثياب بالصُّفْرة، لا في خضاب الشعر.
انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الأصحّ كون المراد بقوله: "تصبغ
بالصفرة" صبغ الشعر والثياب؛ لما تقدّم من أن ابن عمر كان يُصفّر لحيته،
ويحتجّ بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصَفِّر لحيته بالوَرْس والزعفران، وهو حديث صحيحٌ
رواه أبو داود.
ولمَا صحّ أيضًا في حديثه الآخر من احتجاجه بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصبُغ
بها ثيابه حتى عمامته. انتهى.
وُيجمع بين هذا وبين نفي أنس - رضي الله عنه - خضابه - صلى الله عليه وسلم - بأن ابن عمر - رضي الله عنهما - أخبر