فقد أفاد، وأجاد في كتابه "حجة المبالغة" (2/ 42) فلنقتصر على ما ذكره، قال - رَحِمَهُ اللهُ -: المصالح المرعيّة في الحجِّ أمور:

(منها): تعظيم بيت الله تعالى، فإنه من شعائر الله، وتعظيمه تعظيم لله تعالى.

(ومنها): تحقيق معنى العرضة، فإدن لكلّ دولة، أو ملّة اجتماعًا، يتوارده الأقاصي والأداني، ليعرف بعضهم بعضًا، ويستفيدوا أحكام الملّة، ويعظّموا شعائرها، والحجّ عرضة المسلمين، وظهور شوكتهم، واجتماع جنودهم، وتنويه ملّتهم، وهو قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} الآية [البقرة: 125].

(ومنها): موافقة ما توارث الناس عن سيدنا إبراهيم، وإسماعيل - عَلَيْهِ السَّلَامْ - فإنهما إماما الملّة الحنيفية، ومُشَرّعاها للعرب، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بُعث لتظهر به الملّة الحنيفيّة، وتعلو به كلمتها، وهو قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} الآية [الحج: 78].

فمن الواجب المحافظة على ما استفاض عن إماميها، كخصال الفطرة، ومناسك الحجِّ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قِفُوا على مشاعركم، فإنكم على إرث، من إرث أبيكم إبراهيم" (?).

(ومنها): الاصطلاح على حال يتحقّق بها الرفق لعامّتهم، وخاصّتهم، كنزول مني، والمبيت بمزدلفة، فإنه لو لَمْ يُصطَلَح على مثل هذا لشقّ عليهم، ولو لَمْ يسجّل عليه، لَمْ تجتمع كلمتهم عليه مع كثرتهم، وانتشارهم.

(ومنها): الأعمال التي تُعلِنُ بأن صاحبها موحّد، تابعٌ للحقّ، متديّن بالملّة الحنيفيّة، شاكر لله تعالى على ما أنعم على أوائل هذه الملّة، كالسعي بين الصفا والمروة.

(ومنها): أن أهل الجاهليّة كانوا يحجّون، وكان الحجِّ أصل دينهم، ولكنّهم خلطوا فيه أعمالًا ما هي مأثورة عن إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامْ -، وإنما هي اختلاق منهم، وفيها إشراك لغير الله بالله تعالى، كتعظيم إساف، ونائلة، وكالإهلال لمناة الطاغية، وكقولهم في التلبية: لبيك لا شريك لك، إلَّا شريكًا هو لك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015