2 - (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الجماعة، سوى شيخيه، فالأول ما أخرج له ابن ماجة، والثاني ما أخرج له البخاريّ، وأبو داود.
3 - (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخيه، فالأول مروزيّ، والثاني عدنيّ، ثم مكيّ، وعائشة - رضي الله عنها -، فمدنيّة.
4 - (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين الكوفيين رَوَى بعضهم عن بعض: أبو يعفور، عن مسلم، عن مسروق، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -) أنَّها (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ) أي: ليالي العشر الأخير من رمضان، وصرّح بكونه الأخير في حديث عليّ - رضي الله عنه -، عند ابن أبي شيبة، والبيهقيُّ من طريق عاصم بن ضمرة، عنه. قاله في "الفتح". (أَحْيَا اللَّيْلَ) أي: استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها، فأحياه بالطاعة، وأحيا نفسَهُ بسهره فيه، وإنما عبّرت بـ "أحيا"؛ لأن النوم أخو الموت، والظاهر أن المراد أنه أحيا الليل كلّه، ويَحْتَمل أن يكون معظمه (وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) أي: أيقظهم للصلاة في الليل، والجِدِّ في العبادة زيادةً على العادة.
وروى الترمذيّ، ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت أم سلمة - رضي الله عنهما -: "لَمْ يكن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا بقي من رمضان عشرة أيام يَدَعُ أحدًا من أهله، يُطيق القيام إلَّا أقامه".
(وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) أي: اعتزل النساء، وبذلك جزم عبد الرزّاق، عن الثوريّ، واستشهد بقول الشاعر [من البسيط]:
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ ... عَنِ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ
وذكر ابن أبي شيبة، عن أبي بكر بن عيّاش نحوه. وقال الخطابي: يَحْتَمِل أن يريد به الجِدّ في العبادة، كما يقال: شددت لهذا الأمر مِئْزَري؛ أي: تشمّرت له، وَيحْتَمِل أن يراد التشمير، والاعتزال معًا، ويَحْتَمِل أن يراد الحقيقة والمجاز، كمن يقول: طويل النجاد لطويل القامة، وهو طويل النجاد حقيقةً، فيكون المراد شدّ مئزره حقيقة، فلم يَحُلّه، واعتزل النساء، وشمّر للعبادة.