له الخروج إلى ما أوجبه الله تعالى عليه، مثل من يعتكف في مسجد لا جمعة فيه، فيحتاج إلى خروجه ليصلي الجمعة، ويلزمه السعي إليها، فله الخروج إليها، ولا يبطل اعتكافه.
وبهذا قال أبو حنيفة، وقال الشافعيّ: لا يعتكف في غير الجامع؛ إذا كان اعتكافه يتخلله جمعة. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله تعالى - كما بيّنه ابن قُدامة - رَحِمَهُ اللهُ - هو الأرجح، فيجوز الاعتكاف في مسجد لا تقام فيه الجمعة؛ لإطلاق النصّ {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}، ويجوز أن يخرج لأداء الجمعة إلى مسجد الجمعة؛ لأنه أمر ضروريّ شرعًا، فيجوز الخروج له، كما جاز الخروج لحاجة الإنسان؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها - المذكور، فتبصر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:
[2781] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، أَن نَافِعًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنها -: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ"، قَالَ نَافِعٌ: "وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللهِ - رضي الله عنه - الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمَسْجِدِ")
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (أَبُو الطَّاهِرِ) أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السَّرْح المصريّ، ثقةٌ [10] (ت 250) (م د س ق) تقدم في "المقدمة" 3/ 10.
2 - (ابْنُ وَهْبٍ) عبد الله القرشيّ مولاهم، أبو محمد المصريّ، ثقةٌ حافظٌ فقيهٌ عابدٌ [9] (ت 197) (ع) تقدم في "المقدمة" 3/ 10.
3 - (يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ) بن أبي النِّجَاد الأيليّ، أبو يزيد الأمويّ مولاهم، ثقةٌ ثبتٌ، من كبار [7] (ت 159) (ع) تقدم في "المقدمة" 3/ 14.