ووقع في رواية معمر، عن الزهريّ، عن أبي بكر: فقال مروان: عَزَمتُ عليكما لَمَّا ذهبتما إلى أبي هريرة، قال: فلقينا أبا هريرة عند باب المسجد، والظاهر أن المراد بالمسجد هنا مسجد أبي هريرة بالعقيق، لا المسجد النبويّ؛ جمعًا بين الروايتين، أو يُجمع بأنهما التقيا بالعقيق، فذكر له عبد الرَّحمن القصة مجملةً، أو لَمْ يذكرها، بل شَرَع فيها، ثم لَمْ يتهيأ له ذكر تفصيلها، وسماع جواب أبي هريرة إلَّا بعد أن رجعا إلى المدينة، وأراد دخول المسجد النبويّ، قاله في "الفتح".
(فَقَالَ مَرْوَانُ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ) أي أمرتك أمرًا جازمًا عزيمةً مُحتّمةً، وأمر وُلاة الأمور تجب طاعته في غير معصية.
وفي رواية البخاريّ: "وقال مروان لعبد الرَّحمن بن الحارث: أُقْسِم بالله لتُفْزِعَنّ (?) بها أبا هريرة، وكان مروان يومئذ على المدينة"، وفي رواية النسائيّ من طريق عكرمة بن خالد، عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن: فقال مروان لعبد الرَّحمن: "الْقَ أبا هريرة، فحدِّثه بهذا، فقال: إنه لَجاري، وإني لأكره أن استقبله بما يكره، فقال: أَعْزِمُ عليك، لَتَلْقَيَنّه"، ومن طريق عُمر بن أبي بكر بن عبد الرَّحمن، عن أبيه: فقال عبد الرَّحمن لمروان: "غفر الله لك إنه لي صديق، ولا أحبّ أن أَرُدّ عليه قولَهُ".
(إِلَّا مَا ذَهَبْتَ إِلَى أبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ) أي الذي يقوله أبو هريرة، من أن من أدرك الفجر جُنُبًا فلا يصم (قَالَ) أبو بكر (فَجِئْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -، وقوله: (وَأَبُو بَكْرٍ) أي ابن عبد الرَّحمن راوي الحديث (حَاضِرُ ذَلِكَ كُلِّهِ) أي ما تقدَّم من سماع كلام عائشة وأم سلمة، والدخول على مروان، وتحديثه بذلك، فقوله: "وأبو بكر حاضر" ذكره تأكيدًا، وإلا فهو معلوم من قوله: "وانطلقت معه، ودخلنا"، وقوله: "فانطلقنا حتى دخلنا على مروان" (قَالَ) أبو بكر (فَذَكَرَ لَهُ) أي لأبي هريرة - رضي الله عنه - (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) أي ذكر عبد الرَّحمن لأبي