وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: معنى الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه -رضي الله عنهم- كانوا صيامًا، وكان ذلك في شهر رمضان، كما صُرِّح به في رواية يحيى بن يحيى، فلما غربت الشمس، أمره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالْجَدْح ليفطروا، فرأى المخاطَب آثار الضياء والحمرة التي بعد غروب الشمس، فظَنّ أن الفطر لا يحل إلا بعد ذهاب ذلك، واحتَمَلَ عنده أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يرها، فاراد تذكيره، وإعلامه بذلك، ويؤيد هذا قوله: "إن عليك نهارًا"؛ لتوهمه أن ذلك الضوء من النهار الذي يجب صومه، وهو معنى: "لوأمسيتَ"؛ أي تأخرت حتى يدخل المساء، وتكريره المراجعة؛ لغلبة اعتقاده على أن ذلك نهار يحرم فيه الأكل، مع تجويزه أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم ينظر إلى ذلك الضوء نظرًا تامّا، فقصد زيادة الإعلام ببقاء الضوء. انتهى (?).
"قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا"، قَالَ) الراوي (فَنَزَلَ) الرجل المأمور (فَجَدَحَ) أي خلط السويق بالماء.
[تنبيه]: وقعت المراجعة في هذه الرواية مرّتين فقط، قال في "الفتح": وقد اختلفت الروايات عن الشيبانيّ في ذلك، فأكثر ما وقع فيها أن المراجعة وقعت ثلاثًا، وفي بعضها مرتين، وفي بعضها مرةً واحدةً، وهو محمول على أن بعض الرواة اختَصَرَ القصة، ورواية خالد الطحّان عن الشيبانيّ عند البخاريّ أتمهم سياقًا (?)، وقد ذكرها ثلاث مرّات، وهو حافظٌ، فزيادته مقبولةٌ.
قال الجامع عفا الله عنه: لم ينفرد خالد الطحّان بذكر الثلاث، فقد تابعه