السحور من أجله، ففي حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- الآتي مرفوعًا: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): نقل الإمام ابن المنذر رحمه الله الإجماع على ندبية السحور (?)، وقال النوويّ رحمه الله: وأجمع العلماء على استحبابه، وأنه ليس بواجب. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فعلى هذا يكون الأمر بالسحور في حديث الباب للاستحباب، لا للوجوب، وقد ترجم الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه"، فقال: "باب بركة السحور، من غير إيجاب"؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه واصلوا، ولم يُذكَر السحور. انتهى.
وأشار البخاريّ رحمه الله بهذا إلى حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الوصال، فلما أبوا واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: "لو تأخر لزدتكم" الحديث، متّفق عليه.
وهو استدلال حسنٌ جِدًّا، فإنه يدلّ على أن السحور ليس بحتم؛ إذ لو كان حتمًا لما واصل بهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإن الوصال يستلزم ترك السحور، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:
[2550] (1096) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَن رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا، وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكلَةُ السَّحَرِ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (لَيْثُ) بن سعد الإمام المصريّ الشهير، تقدّم في الباب الماضي.
2 - (مُوسَى بْنُ عُلَي) -بالتصغير- ابن رَبَاح اللَّخْميّ، أبو عبد الرحمن