علم النجوم لأنها حَدْسٌ وتخمين، ليس فيها قطع، ولا ظنّ غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق؛ إذ لا يعرفها إلا القليل. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رَحمه اللهُ: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكتب ولا نحسُب": أي لم نُكَلَّف في تعرّف مواقيت صومنا، ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب، ولا كتابة، وإنما رُبطت عباداتنا بأعلام واضحة، وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحُسّاب وغيرهم، ثم تمّم هذا المعنى، وكمّله حيث بيّنه بإشارته بيديه، ولم يتلفّظ بعبارة عنه نُزُولًا إلى ما يفهمه الْخُرْس والعُجْم، وحصل من إشارته بيديه ثلاث مرّات أن الشهر يكون ثلاثين، ومن خَنْسِه إبهامه في الثالثة أن الشهر يكون تسعًا وعشرين، كما نصّ عليه في الحديث الآخر.
وعلى هذا الحديث من نذر أن يصوم شهرًا غير معيّن، فله أن يصوم تسعًا وعشرين؛ لأن ذلك يقال عليه: شهر، كما أن من نذر صلاة أجزأه من ذلك ركعتان؛ لأنه أقلّ ما يصدُق عليه الاسم، وكذلك من نذر صومًا، فصام يومًا أجزأه، وهو خلاف ما ذهب إليه مالك رحمه اللهُ، فإنه قال: لا يجزئه إذا صامه بالأيام إلا ثلاثون يومًا، فإن صامه بالهلال فعلى ما يكون ذلك الشهر من رؤية الهلال.
وفيه من الفقه أن يوم الشكّ محكوم له بأنه من شعبان، وأنه لا يجوز صومه عن رمضان؛ لأنه علّق صوم رمضان بالرؤية، وَلَمْ، فَلَا (?). انتهى كلام القرطبيّ رحمه اللهُ (?)، وهو بحثٌ نفيسٌ.
(الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا -وَعَقَدَ الإبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ- وَالشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا"، يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثينَ) يعني أنه أشار أوّلًا بأصابع يديه العشر جميعًا مرتين، وقبض الإبهام في المرة الثالثة، وهذا هو المعبّر عنه بقوله: "تسع وعشرون"، وأشار مرّة أخرى بهما ثلاث مرّات، وهو المعبّر عنه بقوله: "ثلاثون".