تلد الأمة من يملكها، وجعله ذلك من أشراط الساعة، ومعناه عنده أن يبيع أمه آخر الزمان.
وليس ما قال بشيء؛ لأن كلّ ما أُخبر عنه أنه من أشراط الساعة لا تُحَرِّمه الشريعة، ألا ترى أن تطاول الرِّعاء في البنيان ليس بحرام، ولا أن يكون اللُّكَع أسعد الناس بالدنيا ليس مما يُحرّمها عليه، ولا فشُوّ المال جملة مما يُحرّمه، ولا أن يكون لجماعة النساء القيّم الواحد مما يُحرّم ذلك.
وليس في الكلام دليل على إنكار النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كما زَعَم، ولا فيه غيرُ إخبارٍ عن حال تكون. وأما قوله: إن معناه أن يبيع الولد أمه آخر الزمان، فليس فيه دليلٌ على منع بيعها قبل ملك ابنها؛ إذ من يُجوّز بيعها من أهل الظاهر يوافق الجماعة في أنها لا تباع ما دامت حاملًا، ولا إذا تصير ملكًا لابنها بميراث، أو غيره. انتهى (?).
(وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ) بالضمّ: جمع حاف، وهو الذي لا يلبس في رجله نعلًا أو غيرها (الْعُرَاةَ) بالضمّ أيضًا جمع عار: وهو الذي لا يلبس على جسده ثوبًا (الْعَالَةَ) بتخفيف اللام: جمع عائل، وهو الفقير، والْعَيلة: الفقر، يقال: عال الرجل يَعِيل عَيْلةً: إذا افتقر، وأعال يُعيل: إذا كثُر عياله (رِعَاءَ الشَّاءِ) بالكسر: جمع راع، وأصل الرعي: الحفظ، و"الشاء": جمع شاة، وهو من الجمع الذي يفرّق بينه وبين واحده بالهاء، وهو كثير فيما كان خِلْقةً لله تعالى، كشجرة وشجر، وثمرة وثمر، وإنما خصّ رعاء الشاء بالذكر؛ لأنهم أضعف أهل البادية. قاله القرطبيّ (?).
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي: "إذا رأيت الرِّعَاء البهم"، وعند البخاريّ: "وإذا تطاول رعاة الإبل البهم".
وزاد في رواية ابن حبّان: "قال: ما العالة الحفاة العراة؟ قال: الْعُرَيب".
(يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ") أي يتفاخرون في طول بيوتهم، ورفعتها، من تَطَاوَلَ الرجل إذا تكبّر، يعني من علامات القيامة أن ترى أهل البادية ممن ليس لهم لباسٌ، ولا نعلٌ، بل كانوا رعاء الإبل والشاء يتوطّنون البلاد، ويتّخذون العقار، ويبنون الدور والقصور المرتفعة. قاله المظهر.