فَبَيْنَا نَسُوسُ النَّاسَ وَالأَمْرُ أَمْرُنَا ... إِذَا نَحْنُ فِيهِمْ سُوقَةٌ نَتَنَصَّفُ
فَأُفٍّ لِدُنْيَا لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا ... تَقَلَّبُ تَارَاتٍ بِنَا وَتَصرَّفُ
وإلى قول أبي الطيّب [من الطويل]:
تَبَكَّى عَلَيْهِنَّ الْبَطَارِيقُ فِي الدُّجَى ... وَهُنَّ لَدَيْنَا مُلْقَيَاتٌ كَوَاسِدُ
وفي معناه أنشد [من الطويل]:
إِذَا ذَلَّ فِي الدُّنْيَا الأَعَزُّ وَاكْتَسَى (?) ... أَعِزَّتُهَا ذُلًّا وَسَادَ مَسُودُهَا
هُنَاكَ فَلَا جَادَتْ سَمَاءٌ بِضَوْئِهَا ... وَلَا أَشْرَقَتْ أَرْضٌ وَلَا اخْضَرَّ عُودُهَا
قال: وفي القرينتين إيذان بنصرة المؤمنين، وفتحهم البلاد مشارقها ومغاربها، كما ورد: "إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها"، رواه مسلم من حديث ثوبان - رضي الله عنه -. انتهى كلام الطيبيّ (?).
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي بلفظ: "إذا ولدت الأمة ربها"، بالتذكير، قال في "الفتح": وزاد في رواية محمد بن بشر: "يعني السراري"، وفي رواية عمارة بن القعقاع: "إذا رأيت المرأة تلد ربها"، ونحوه لأبي فَرْوَة، وفي رواية عثمان بن غياث: "الإماء أربابهن" بلفظ الجمع، والمراد بالرب: المالك، أو السيد.
وقال أيضًا: "التعبير بـ"إذا" للإشعار بتحقق الوقوع، ووقعت هذه الجملة بيانًا للأشراط، نظرًا إلى المعنى، والتقدير: ولادةُ الأمة، وتطاوُلُ الرُّعَاة.
[فإن قيل]: الأشراط جمع، وأقله ثلاثة على الأصح، والمذكور هنا اثنان، أجاب الكرماني بأنه قد تستقرض القلة للكثرة، وبالعكس، أو لأن الفرق بالقلة والكثرة، إنما هو في النكرات، لا في المعارف، أو لفقد جمع الكثرة للفظ "الشرط".
قيل: وفي جميع هذه الأجوبة نظر لا يخفى، ولو أُجيب بأن هذا دليل القول الصائر إلى أن أقل الجمع اثنان، لَمَا بَعُدَ عن الصواب، والجواب