من قصّة الصلاة، والصيام، وبلغ ذلك جعفرًا، فقال: "يأمرنا" بمعنى يأمر به أمته، وهو بعيدٌ جدًّا.

وأولى ما حُمل عليه حديث أم سلمة هذا -إن سَلِمَ من قدح في إسناده- أن المراد بقوله: "يأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصيام"؛ أي في الجملة، ولا يلزم من ذلك أن يكون المراد بالصلاة الصلوات الخمس، ولا بالصيام صيام رمضان، ولا بالزكاة هذه الزكاة المخصوصة ذات النصاب والحول.

ومما يدلّ على أن فرض الزكاة كان قبل السنة التاسعة حديث أنس - رضي الله عنه - في "الصحيح" في قصّة ضمام بن ثعلبة، وفيه قوله: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا، فتردها على فقرائنا؟ وكان قدوم ضمام سنة خمس، كما تقدّم، وإنما الذي وقع في التاسعة بعث العمّال لأخذ الصدقات، وذلك يقتضي تقدّم فريضة الزكاة قبل ذلك.

ومما يدلّ على أن فرض الزكاة وقع بعد الهجرة اتفاقهم على أن صيام رمضان إنما فُرض بعد الهجرة؛ لأن الآية الدّالة على فرضيته مدنيّة بلا خلاف.

وثبت عند أحمد، وابن خزيمة أيضًا، والنسائيّ، وابن ماجه، والحاكم، من حديث قيس بن سعد بن عُبادة، قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفطر قبل أن تنزل الزكاة، ثم نزلت الزكاة، فلم يأمرنا، ولم ينهنا، ونحنُ نفعله". إسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح، إلا أبا عمّار الراوي له عن قيس بن سعد، وهو كوفيّ، اسمه عَرِيب -بالمهملة المفتوحة- ابن حُميد، وقد وثّقه أحمد، وابن معين، وهو دالٌّ على أن فرض صدقة الفطر كان قبل فرض الزكاة، فيقتضي وقوعها بعد فرض رمضان، وذلك بعد الهجرة، وهو المطلوب.

ووقع في "تاريخ الإسلام": في السنة الأولى فُرِضت الزكاة. وقد أخرج البيهقيّ في "الدلائل" حديث أم سلمة المذكور من طريق "المغازي لابن إسحاق" من طريق يونس بن بُكير، عنه، وليس فيه ذكر الزكاة، وابن خزيمة أخرجه من حديث ابن إسحاق، لكن من طريق سلمة بن الفضل، عنه، وفي سلمة مقال (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015