لطائف هذا الإسناد:
1 - (منها): أنه من خماسيات المصنّف رحمه الله، وله فيه شيخان قرن بينهما؛ لما سبق غير مرّة.
2 - (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخيه، فبغداديّان، والصحابيّ، فمدنيّ.
3 - (ومنها): أن أبا هريرة -رضي الله عنه-، رَأسُ المكثرين السبعة، روى (5374) حديثًا، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (اسْتَأَذَنْتُ رَبِّي)؛ أي: طلبت منه الإذن، وكان ذلك عام الفتح (أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي) وفي نسخة: "في أن أستغفر لأمي"؛ أي: أطلب لها أن يغفر ذنوبها (فَلَمْ يَأَذَنْ لِي) بالبناء للفاعل، وفي الرواية التالية: "فلم يؤذن لي" بالبناء للمفعول.
قال ابن الملك رحمه الله: إنما لم يأذن له؛ لأنها كافرة، والاستغفار للكافرين لا يجوز؛ لأن الله لا يغفر لهم أبدًا، وقال النووي رحمه الله: فيه النهي عن الاستغفار للكفّار، وقال الشوكانيّ رحمه الله: فيه دليل على عدم جواز الاستغفار لمن مات على غير ملة الإسلام.
وقال القرطبيّ رحمه الله: يَحْتَمِلُ أن يكون هذا الاستئذان قبل نزول قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية [التوبة: 113]، ويَحْتَمِل أن يكون بعد ذلك؛ وارتجى خصوصية أمه بذلك، والله تعالى أعلم، وهذا التأويل الثاني أولى. انتهى (?).
(وَاسْتَاذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا) وكان بالأبواء، بين مكة والمدينة.
و"الزيارة" -بكسر الزاي، وتخفيف الياء-: معناه القَصْدُ، يقال: زاره، زِيارةً، وزَوْرًا -بالفتح-: قصده، فهو زائرٌ، وزَوْرٌ -بفتح، فسكون-، وقَوم زَوْرٌ أيضًا، وزُوّارٌ، مثلُ سافرٍ، وسَفْرٍ، وسُفَار، ونسوةٌ زَوْرٌ أيضًا، وزُوَّرٌ،