رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"، وظاهره أنَّه صلى بعد انجلاء الشمس، وهو مخالف لسائر الأحاديث.

وقال النوويّ - رحمه الله -: هذا مما يُستشكل، ويُظَنّ أن ظاهره أنَّه ابتدأ صلاة الكسوف بعد انجلاء الشمس، وليس كذلك، فإنَّه لا يجوز ابتداء صلاتها بعد الانجلاء، وهذا الحديث محمول على أنَّه وَجَده في الصلاة، كما صرح به في الرواية الثانية، ثمَّ جَمَع الراوي جميع ما جرى في الصلاة من دعاء، وتكبير، وتهليل، وتسبيح، وتحميد، وقراءة سورتين في القيامين الآخرين للركعة الثانية، وكانت السورتان بعد الانجلاء تتميمًا للصلاة، فتمّت جملة الصلاة ركعتين، أولها في حال الكسوف، وآخرها بعد الانجلاء، وهذا الذي ذكرته من تقديره لا بد منه؛ لأنه مطابقٌ للرواية الثانية، ولقواعد الفقه، ولروايات باقي الصحابة، والرواية الأولى محمولة عليه أيضًا؛ ليتفق الروايتان.

ونَقَل القاضي عن المازريّ أنَّه تأوله على صلاة ركعتين تطوعًا مستقلًّا بعد انجلاء الكسوف؛ لأنها صلاة كسوف، وهذا ضعيف، مخالف لظاهر الرواية الثانية، والله أعلم. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما أوَّلَ به المازريّ - رحمه الله - أقرب، وأما تأويل النوويّ فلا يخفى تكلّفه، بل تردّه رواية النسائيّ المذكورة بلفظ: "ثم قام، فصلى ركعتين، وأربع سجدات"، فقوله: "وأربع سجدات" صريح في ردّ تأويله بأن معناه تمم الركعة الثانية؛ إذ ليس فيها إلا سجدتان، فظهر بهذا أنَّه إنما صلى بعد الانجلاء ركعتين كاملتين، فيهما ركوعان، وأربع سجدات، شكرًا لله تعالى في إزالته كسوف الشمس، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015