وفي الرواية الثالثة: "إذ خَسَفت الشمس" (فَنَبَذْتُهُنَّ) وفي الرواية التالية: "فنبذتها"؛ أي: رميت الأسهُم، وطرحتها، وتركت الاشتغال بها، وفي رواية النسائيّ: "فجمعتهنّ" أي: جمعت الأسهُم؛ لئلا تضيع عليّ لو تركتها مفرَّقةً (وَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا يَحْدُثُ) بفتح أوله، وضمّ ثالثه، يقال: حدث الشيءُ حُدُوثًا، من باب قعد: إذا تجدّد وجوده، فهو حادث، وحديث (?)؛ أي: يتجدّد (لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي انْكِسَافِ الشَّمْسِ) "في" سببيّة؛ أي: بسبب انكسافها، أو بمعنى: "عند".

والمعنى: أن عبد الرحمن ظنّ أنَّه لا بُدّ أن يتجدّد للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الكسوف شيء من السنن، فأراد أن ينظر إليه، وقد تحقّق ظنه في ذلك، كما أخبر بالآتي.

وقوله: (الْيَوْمَ) منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ"انكساف"، أو بـ"يحدُثُ"، وفي الرواية التالية: "فقلت: والله لأنظرنّ إلى ما حَدَثَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كسوف الشمس".

(فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ) أي: وصلت إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية النسائيّ: "فَأَتَيْتُهُ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ" (وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ) جملة في محلّ نصب على الحال (يَدْعُو، وَيُكَبِّرُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، حَتَّى جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ) أي: كُشف عنها، وفي الرواية التالية: "فأتيته، وهو قائم في الصلاة، رافع يديه، فجعل يسبّح، ويَحمَد، ويُهلّل، ويكبّر، ويدعو حتى حُسِر عنها"، فتبيّن بهذه الرواية أن التسبيح، والتكبير، والدعاء المذكور كان في الصلاة، وفيه استحباب التسبيح، والتكبير، والدعاء في صلاة الكسوف.

وقال النوويّ - رحمه الله -: فيه دليل لأصحابنا في رفع اليدين في القنوت، وردٌّ على من يقول لا تُرفع الأيدي في دعوات الصلاة. انتهى.

(فَقَرَأَ سُورَتَيْنِ، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ) وفي رواية النسائيّ: "قَالَ: ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015