المخاوف والشدائد، وقد أمر الله تعالى بالدعاء في كتابه في غير موضع، كما أمر بالصلاة وغيرها من العبادات، فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، وقال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]، وغير ذلك من الآيات.
ولا شكّ أن الدعاء في الرجاء مطلوبٌ؛ لكونه سبباً لدفع البلاء والشدائد، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -: "تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدّة" رواه أحمد، والترمذيّ (?).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "من سرّه أن يستجيب الله له دعاءه عند الشدائد والكرب، فليُكثر من الدعاء في الرخاء"، رواه الترمذيّ (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في صلاة الكسوف:
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: (واعلم) أن صلاة الكسوف رُويت على أوجه كثيرة، ذكر مسلم منها جملة، وأبو داود أخرى، وغيرهما أخرى، وأجمع العلماء على أنها سنة، ومذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وجمهور العلماء أنه يُسنّ فعلها جماعة، وقال العراقيون: فرادى، وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة في مسلم وغيره.
واختلفوا في صفتها، فالمشهور في مذهب الشافعي أنها ركعتان في كل ركعة قيامان، وقراءتان، وركوعان، وأما السجود فسجدتان كغيرهما، وسواء تمادى الكسوف، أم لا، وبهذا قال مالك، والليث، وأحمد، وأبو ثور، وجمهور علماء الحجاز، وغيرهم.
وقال الكوفيون: هما ركعتان كسائر النوافل؛ عملاً بظاهر حديث جابر بن سمرة، وأبي بكرة - رضي الله عنهم -: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين.
وحجة الجمهور حديث عائشة، من رواية عروة، وعمرة، وحديث جابر،